إذا كنت رأيتَ القمر أكبر من حجمه الطبيعي بشكل مبهر، ولكن مخيف أيضاً، فلستَ وحدك، فلقد شهدت ليلة 26 أبريل/نيسان ظاهرة غريبة، تُعرف باسم القمر العملاق. وتحدُث هذه الظاهرة ثلاث أو أربع مرات في العام، وكان ظهور القمر العملاق أمس، الإثنين 26 أبريل/نيسان 2021، الحالة الأولى لهذا العام من هذه الظاهرة الفلكية المثيرة للجدل.
مراحل القمر
ولفهم سبب كونه قمراً عملاقاً من المهم أن نتعرف على المزيد عن سبب إضاءة أجزاء مختلفة من القمر في أوقات مختلفة من الشهر، وكذلك المزيد عن مدار القمر. السبب في رؤيتنا لنسب مختلفة من القمر مضاءة في أوقات مختلفة من الشهر، أو في مراحل مختلفة، هو أنَّ القمر يكون في مواقع مختلفة على مداره حول الأرض بالنسبة للشمس.
عندما يصطف القمر والأرض والشمس في خط واحد، مع وجود الأرض في المنتصف بين القمر والشمس، يُشع ضوء الشمس على سطح القمر بأكمله، وينعكس مرة أخرى على الأرض، تُعرَف هذه الظاهرة على كوكب الأرض باسم اكتمال القمر (البدر). عندما يكون القمر بين الأرض والشمس لا يمكن لضوء الشمس أن ينعكس عن سطحه، وهذا يسمى محاق، لانمحاق نوره، ومع استمرار تغيّر موضع القمر يعكس جزء فقط من سطح القمر ضوء الشمس؛ ما يمنحه مراحل اكتمال مختلفة التي تبدأ بالهلال.
لماذا تحدث ظاهرة القمر العملاق؟
سبب حدوث ظاهرة القمر العملاق أن مدار القمر حول الأرض ليس دائرياً تماماً، بل له شكل بيضاوي مضغوط قليلاً، وهذا يعني أنَّ القمر يكون في بعض الأحيان أقرب إلى الأرض من الأوقات الأخرى. ويُطلَق على أقرب اقتراب للقمر من الأرض نقطة الحضيض، ويُسمَّى القمر المكتمل المارّ عند نقطة الحضيض أو بالقرب منها بالقمر العملاق أو القمر الحضيضي.
فإذا كان القمر يبعد عن الأرض بحوالي 384.400 كيلومتر، فإن نقطة الحضيض القمرية تقع على بُعد ما بين 356000 و360.000 كيلومتر من كوكبنا. وأدى الارتباط الحقيقي للقمر بحركة المد والجزر وكذلك المد القشري (إزاحة سطح الأرض الصلب بسبب جاذبية القمر والشمس) إلى ادعاءات بأن ظاهرة القمر العملاق قد تكون مرتبطة بزيادة مخاطر وقوع أحداث مثل الزلازل والانفجارات البركانية، ولكن لم يتم العثور على مثل هذا الارتباط.
القمر المُصغَّر
أما الظاهرة المعاكسة -أي التي تحدث عندما يكون البدر في أبعد نقطة له عن الأرض في مداره- فتسمى الأوج القمري أو القمر المُصغَّر. ومن الواضح أنَّ القمر العملاق ليس ظاهرة جديدة، بل اسمه فحسب هو الجديد؛ فلم يظهر المصطلح إلا في السبعينيات. ونظراً لأنَّ القمر يظهر كبيراً ومشرقاً جداً مقارنة بالأجسام الأخرى في سماء الليل، فليس من الصعب رؤيته في ليلة صافية، لكن تكمن مشكلة رؤية القمر العملاق عند شروقه وغروبه. أحياناً يتعين الوصول إلى مكان مرتفع مثل تل لرؤية القمر العملاق.
وهم القمر.. كيف يزداد هذا الجرم السماوي تضخماً دون رصده من الكاميرات؟
هناك خدعة واحدة في موضوع القمر العملاق؛ إذ لا يبدو القمر أكبر بكثير في السماء مقارنةً بالبدر الطبيعي، لكنه يبدو أحياناً أكبر عندما يكون أقرب إلى الأفق. فلماذا يحدث هذا بالرغم من أنَّ حجمه في السماء لا يتغير كثيراً عندما يدور بالقرب من الأرض؟ يُعرَف هذا باسم "وهم القمر"، وهو حقاً وهم. إذا غطيت القمر بإبهامك فستتمكن دائماً من حجبه، سواء بدا ضئيلاً وعالياً جداً في السماء أو بدا ضخماً بالقرب من الأفق.
يعرف الناس عن هذا الوهم البصري منذ آلاف السنين، لكننا ما زلنا لا نفهم تماماً سبب وكيفية حدوثه. نحن نعلم أنه وهم نفسي، وربما يرجع ذلك جزئياً على الأقل إلى اعتقاد الدماغ أنَّ الأشياء القريبة من الأفق لا بد أنها أقرب إلينا. هناك العشرات من التفسيرات المتنافسة، ومعظمها يتعلق بكيفية معالجة أدمغتنا للمعلومات.
على الرغم من أن الكاميرات تثبت أن القمر في حالة وهم القمر ليست أكبر أو أقرب، فإن العقل البشري يصر على خلاف ذلك. لذا، على الرغم من أنَّ قمر يوم الإثنين العملاق لم يكبر حقيقةً في السماء، فإن انخفاضه جعله في الأفق يبدو أكبر بكثير بالنسبة لنا على أية حال. ومهما كان سبب وهم القمر أو حجم القمر في السماء فلنأمل في سماء صافية على الدوام.