خرج جون كينيدي الرئيس الأمريكي الخامس والثلاثين عن وعيه عندما صرخ عارياً في جناح بفندق كارلايل بنيويورك حيث بدا أنه حصل على حقنة ضخمة من المخدرات من طبيب ألماني غير معروف عرف بأسماء مختلفة مثل طبيب السعادة و طبيب الحقن والمعجزة ماكس. في ذلك الوقت كان رئيس الغرب الأمريكي غريباً تماماً حيث قام بخلع ملابسه كاملة وبدأ بالرقص في أرجاء الغرفة، ثم خرج في الممر للبحث عن امرأة تشاركه الرقص.

كانت تلك لحظات قلق شديدة لمرافقيه من الخدمة السرية حيث كانوا قلقين من وصوله لقاعة الفندق الممتلئة بالصحفيين والمصورين ما قد يسبب نهاية الرئيس كنيدي وجعل مؤسسة الرئاسة أضحوكة كاملة بالاضافة لتقويض مكانة الولايات المتحدة في العالم. وتمكن المرافقون هذه المرة من ابقائه بعيداً عن المشكلات حيث أقنعوه بالعودة مرة أخرى للجناح الذي كان يقيم فيه وأعطاه الطبيب المسكنات المناسبة لحالته، لكن حالة القلق استمرت فيما سيفعلون لو كرر الرئيس كنيدي فعلته مرة أخرى.

وكانت وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية بالاضافة للمؤسسات القوية الأخرى على علم بحالة ادمان الرئيس كنيدي على المخدرات والتي يجهزها له الدكتور ماكس جاكوبسون في مختبره باستخدام مشتقات الأمفيتامين الخطير والممزوج بمواد غريبة مثل مشيمة حيوان.، وقد أظهرت سجلات البيت الأبيض 30 زيارة قام بها الدكتور جاكوبسون للمكتب الرئاسي وكان ذلك مجرد غيض من فيض.

الطبيب الذي كان يرتدي ملابس مزرية ويحمل دوماً حقيبة ممتلئة بأدواته كان لديه دوماً لقاءات غير رسمية مع الرئيس كما أنه كان يرافقه في اجتماعات القمة ويرافقه جواً على متن الطائرة الرئاسية. وقد كان يعطي الرئيس جرعات أكبر وأكبر لمكافحة آلام الظهر وغيرها من الأمراض مما أدى على نحو متزايد لردود فعل ذهنية والافراط في النشاط النوعي وجنون العظمة المفرط، ولم تكن هذه مواصفات مرغوب بها لرجل يسيطر على الزناد النووي.

وهكذا ادعى كتاب جديد تم نشره في الذكرى الخمسين لاغتيال الرئيس كنيدي والذي قتل في دلاس عام 1963 حيث تم اتخاذ القرار من قبل بعض القوى المجهولة بازالة المشكلة. ووفقاً للمؤلفان ريتشارد ليرتزمان وويليام بايرنز فان كل من "سي آي إيه" و"أف بي آي" والبنتاغون ونائب الرئيس ليندون جونسون قرروا اغتيال كنيدي لأنه فقد عقله وأصبح خارج السيطرة. واليوم وبعد مرور نصف قرن على اغتياله فإن سؤال من قتل كنيدي لا يزال يملك سحراً حيث كتبت فيه مكتبات من الكلمات والأسئلة التي تتساءل ان كان لي هارفي قد اغتاله بمفرده وهو ما لم يستطع أحد الاجابة عليه ولا حتى مؤلفا الكتاب.

لكن مؤلفا الكتاب مقتنعان تماماً بأن القبضة الخانقة للطبيب جاكوبسون تدل على سيطرة كاملة على المجتمع الراقي في الولايات المتحدة خلال ستينات القرن الماضي بالاضافة للسيطرة على البيت الأبيض. وكان جاكوبسون ابن جزار يهودي نشأ في برلين وعمل في المستشفى خلال العرب العالمية الأولى ثم حصل على شهادته العلمية كطبيب وقد افتتن بالعلم الحديث بالكيمياء الحيوية والامكانية المثيرة لصنع أدوية تنقذ الحياة عمل عليها في مختبره.

وبعد تعلمه على يدي فرويد ويونغ بدأ بتجاربه بالميثامفيتامين وهو عقار يعزز المزاج ويحفز العواطف، والغريب أنه قام بخلط العقار مع الفيتامينات والانزيمات ومشيمة الحيوان ومصل الدم والهرمونات لانتاج اكاسير مختلفة قام بتجربتها على نفسه ثم قام بوصفها لمرضاه. وقد حمل معه تلك الخلطات للولايات المتحدة عام 1936 عندما غادر أوروبا خوفاً من اضطهاد النازيون له مثلما فعلوا مع اليهود أمثاله.

وأكمل الطبيب اختباراته في نيويورك وقدم عقاير السعادة خاصته لفوج متزايد من العملاء المشاهير حيث بحلول الخمسينات قيل بأنه كان يعالج كل من نجمة الموسيقى ماريا كالاس وبول روبنسون وليونارد بيرنشتاين وروزماري كلوني "جدة جورج كلوني" والممثلين ايدي فيشر وانجريد بيرجمان والمخرج سيسيل دي ميل وقد حصل على سمعة طيبة في انقاذ المغنين الذين فقدوا زخم أصواتهم والممثلين الذين يرهبون المسرح.

ووصفت احدى المريضات التي قام الطبيب بعلاجها تأثير عقارات جاكوبسون كما لو كان نشوة جنسية وحصلت كل من مارلين ديتريتش واليزابيث تايلور وجودي غارلاند على علاجات منه وفي وقت سريع بدأ السياسيون الطموحون والذين عادوا بأضرار بالغة من الحرب بطرق بابه.

وكان جون كينيدي في حملته للوصول للبيت الأبيض عام 1960 لكن آلاماً مبرحة لاحقت جسده وتسببت بضعف قدرته على التحمل فقام سراً بالذهاب لمكتب ومختبر جاكوبسون الذي كانت تفوح منه رائحة التبغ والفورمالدهيد وبعد استشارة قصيرة ملأ الطبيب قارورة بمادة لم يكلف نفسه عناء ذكر اسمها وقام بحقن كنيدي بمحتوياتها. وكان مفعولها فورياً وقوياً فبمجرد وصول الميثامفيتامين لمجرى دمه أصبح كنيدي أكثر قوة ويقظة وتخلص من كامل آلامه.

وبعد حقنته الثانية مباشرة في حنجرته تمكن كنيدي من التغلب على منافسه ريتشارد نيكسون في مناظرة تلفزيونية وكانت تلك لحظة التحول في الانتخابات وحقق كنيدي الفوز في الانتخابات الرئاسية ليصبح رئيس الولايات المتحدة.

وكما حذر كابوتي فانه بعد التحليق عالياً يأتي السقوط مثل هبوط من المظلات بدون مظلة، لذا كان على كيندي العودة مرة أخرى للطبيب وهكذا الحال كل مرة يشعر فيها بالضعف يذهب للحصول على حقنة جاكوبسون السحرية وبهذا أصبح وكما يقول الكاتب بأن ماكس جاكوبسون أصبح يسيطر على أقوى رجل على وجه الأرض وكان الطبيب يملك شغفاً كبيراً في السيطرة على الناس حيث يقول أحد الذين شاهدوه بأنه عندما نظر جاكوبسون اليه شعر وكأنه يقف أمام الرب وهذا تماماً ما كان يفعله الطبيب فهو لم يكن يقوم بتشخيص حالة أي مريض انما كان يعطيه الحقنة مباشرة تحت الجلد.

وادعى جاكوبسون بأن كريم للبشرة لديه يمكنه شفاء أي شيء من حب الشباب للسرطان ولم يكن الطبيب يفعل ذلك لأجل المال لكنه كان يهتم بأن يشاهد كل أولئك الناس يعتمدون عليه ويحتاجونه.

وبذلك أصبح جاكوبسون عضواً دائماً في حاشية الرئيس على الرغم من بقاء دوره طي الكتمان، وكان يتواجد بصفة ضيف خاص كما حضر حفل عيد مولد الرئيس في ماديسون سكوير غاردن وحضرت وقتها مارلين مونرو ،احدى مريضاته أيضاً التي كانت تتلقى الحقن المخدرة، وقد غنت في تلك الحفلة احدى أكثر أغنيات عيد المولد اثارة في حياتها.

ورافق الطبيب كنيدي لباريس للقاء الرئيس الفرنسي شارل ديغول حيث حقت كنيدي في قصر الاليزيه نفسه وحدث الأمر نفسه خلال لقائه بخروتشوف الرئيس الروسي أيضاً في فيينا صيف عام 1961. وتوفي الطبيب جاكوبسون عام 1979 كرجل لا يملك قوة بجسد مدمر بعد أكثر من نصف قرن من تسميم جسده بالأدوية والعقاقير التي كان يصنعها بنفسه.