اعترفت المطربة القديرة ليلى غفران بأنه أصبحت توجد بداخلها الآن قوة خارقة تدفعها بإصرار شديد للتقدّم في الفن بخطى أكبر من كل ما حقّقته.. وعندما التقيتها مؤخراً تأكّدت بأنها تنتمي فعلاً إلى فناني زمن الغناء الجميل ممن حوّلوا جراحهم إلى ورود ليسعدوا جمهورهم رغم ما يعتصر أعماقهم من آلام..
ما سبب غيابك الطويل نسبياً عن الساحة الغنائية، ومنذ ألبومك "أسَهّلهالك"؟
لا أعرف ما يجب أن أقدّمه للجمهور
أنا غيابي كان منذ أربع سنوات فقط، وكانت وراءه في الحقيقة عدة أسباب، أهمها الضوضاء الغريبة في الساحة الغنائية منذ ذلك الوقت، وإن كانت مستمرة إلى الآن، وإلى حد أني شعرت ـ ولفترة ـ بأن مجال الغناء، والذي عشقته منذ الطفولة، أصبح ملوثاً ببعض الأصوات المحسوبة على الغناء، فأنا أخذت مجال الغناء بعد دراستي للموسيقى والغناء على أنه رسالة فنية، ويجب تقديمهما بأفضل ما لدى الفنان من طاقات صوتية، واختيار جيد للكلمات والألحان.
ولكن ذلك، وبكل أسف، لم يعد متوافراً في السنوات الأخيرة؟!
نعم، ومن هنا أحسست بأن مجال الغناء حدث فيه تلوث وخلل، وأصبح مجرد هوجات، فلم يعد بنفس القيمة الفنية التي تربيت عليها أنا وجيلي الفني كله، فضلاً عن أن حالة السمع عند جمهور الغناء أصبحت مختلفة تماماً خلال نفس هذه الفترة، ولذا شعرت بأني لا أعرف ما يجب أن أقدّمه للجمهور.
وإن كانت "أسهّلهالك" أغنيتك المصوّرة بطريقة "الفيديو كليب"، حقّقت نجاحاً كبيراً ومتميّزاً عند الناس؟!
صحيح، ولكن يبدو أنه حدث لي نوع من الإحباط، بسبب من كانوا في ذلك الوقت موجودين في الساحة الغنائية، وهذا الإحباط كان في الحقيقة سببه نوع من الغيرة الفنية مني على الفن، فكنت أقول لنفسي مراراً وتكراراً: كيف يحدث ذلك للفن الذي أحبه؟ فالفن أسمى من أن يتم تصويره على السرير، ومن غير موهبة صوتية حقيقية تقدّمه، فالمفروض أن الصوت أساس الغناء، ولذا كان من الواجب في تلك الفترة أيضاً أن أتوقف بعد ألبوم "أسهّلهالك" لأرى وأرصد ما يحبه الناس فعلاً في الموسيقى والغناء.
وفي رأيك، وباعتبارك من آخر نجمات الزمن الجميل في الغناء والفن، ما الذي أوصلنا إلى الحالة التي أصبح عليها الغناء الآن؟
اسمي، والحمد لله، محفور في الصخر
السبب عدم وجود الرقابة، فمنذ فترة ليست بعيدة، يعني منذ سبع سنوات تقريباً كان المطرب عندما يُنزل ألبوماً جديداً، أو حتى أغنية واحدة، فإن الرقابة كانت تقوم بالتدقيق بكل ما يتعلق بكل أغنية قبل أن يسمعها الجمهور، وإذا عثرت، ولو على كلمة واحدة، ليست لائقة، فإن هذه الكلمة كانت كفيلة وحدها بتعطيل نزول الألبوم والأغنية، إلى أن يتم تغيير هذه الكلمة، ولكن لم تعد توجد هذه الرقابة!
والفضائيات؟!
ياه.. الفضائيات أصبح أي شيء مباحاً فيها، لأن الفضائية لا أحد يستطيع على الإطلاق إيقاف أو تغيير ما تبثّه على مدى الأربع والعشرين ساعة، وبالتالي صار كل شيء، وللأسف، مباحاً في الغناء حالياً.
ولكن، ألا ترين أنه كان من الواجب على مطربة قوية مثلك، وبدلاً من الاستسلام للإحباط والتوقف لفترة، أن تنزل إلى الساحة لمواجهة هذه " الهوجات" المتتالية، وحتى يتواجد على الساحة، وعلى الأقل: الجيد والرديء؟
أنا اسمي، والحمد لله، محفور في الصخر، وفي قلوب الناس، وبالتالي لست محتاجة للتواجد، وأرى أن كل الواجب عليّ أن أقدّم للناس ما أرى فيه فناً غنائياً راقياً يليق بإسمي، إنما أن نجتمع كمطربات ومطربين فهناك نقابة، ولكن للأسف لا يوجد "كونترول"، وبصراحة، وأقولها لك من الآخر، لن يكون هناك "كونترول" حقيقي إلا أذا اجتمعت النقابات الفنية وفي حضور وزارة الثقافة لوضع القواعد الكفيلة بتكوين اللجان الملائمة للاستماع لكل ما يقدّم من فن على الفضائيات وفي كل مكان.