مسلسلات رمضان
منى واصف: أخاف أن أمثل دورا كوميديا طويلا!!
24/07/2009

يحزنك أن تعرف أن أكثر الأشخاص الذين أحببتهم كانوا يحملون بين ضلوعهم أحزانا من دون أن يشعر أحد، اذ لا يهبون للناس عبر الشاشة الصغيرة سوى لحظات من السعادة حتى ولو كانت صورا وهمية، فنانون قدموا لنا ساعات من الفرجة أمتعتنا، فهل كنا سنحبهم وهم يقدمون لنا هذه السعادة في أكثر اللحظات مأساة في حياتهم. الفنانة منى واصف تنتمي الى نوع قليل من البشر حيث تجد نفسك مرغما على احترامه وحبه.

ماذا عن الوجه الآخر الذي لا يعرفه احد عنك؟

منى واصف: أخاف أن أمثل دورا كوميديا طويلا!!  صورة رقم 1

تشغلني قضايا الناس كونى واحدة منهم

حزن لا يعرفه أحد، وشفافية لا يلمسها كثير من الناس، وهذا يرجع لطبيعة أدواري التي تعكس شخصية أخرى غير شخصيتي الحقيقية. احلامي أكبر من الواقع، أحاول من خلال حياتي العملية أن أجعلها واقعا، فأحلامي تسبق الزمن.

أيمكن أن نعرف احلامك؟
طالما أنها أحلام، فهذا يعني أن لها علاقة بالأمر الذي وصل اليه بعض الناس، الآخرون لم يصلوا اليه. والحلم أن أكون مثل الفارس الذي يموت على صهوة جواده برمحه.

بداية ماذا تختزن ذاكرتك؟
"تقول بحزن"، ذكريات الموت، موت أهلي وأصدقائي.

هذا يعني أنك ماضوية؟
اطلاقا، لا يعنيني الماضي، اليوم والمستقبل أفضل لكني أحترم الماضي، والذاكرة عندما تختزن الموت تختزن الحب أيضا، لأنه لا يمكن أن نفكر في موت الناس الذين لم نحبهم وانما نفكر في موت الناس الذين أحببناهم.

دورك في رائعة مصطفى العقاد "الرسالة"، كان جواز مرورك للشهرة، هل حققت ما كنت تحلمين به؟
لا لأن أحلامي كانت أكبر من كل شيء.

للكاتب شاتو بريان عبارة خالدة، "من الممكن قيادة الفرنسيين بالأحلام" وفيلم "قبلات مسروقة" كان يتحدث عن أحلام الشباب، هل قدر جيل اليوم أن يعيش على الأحلام؟
ليس من الضروري أن ينقادوا وراء أحلامهم، لكن الأحلام جميلة وهذا ليس معناه ألا نحارب حتى نجد بقعة ضوء نعيش تحتها، يجب أن نعمل ولكن أؤكد أن الحلم شيء جميل.

نحارب من؟
المسؤولون لا يحلمون بل يحاربون على طول، أحلام المسؤولين غير أحلام الشعوب، اذ ان أحلام الشعوب أحلام حياتية.

كفنانة ما القضايا التي تشغلك، هل تتفاعلين مع الحياة اليومية للناس؟
تشغلني قضايا الناس كونى واحدة منهم، أرى حياتهم وأعيش فيها وأتفاعل معها، وعندما يعرض علي دور يحكي عن شخصية من طبقة معينة، فمن خلال الرصد اليومي أستطيع تجسيدها سواء كانت هذه الشخصية من طبقة غنية أو فقيرة، أو ذات شخصية تاريخية، والتاريخ يساعدني ففيه ما قرأته وما أمتلكه من مخزون. فالمخزون المعرفي والرصد اليومي هما أدوات الممثل، واذا لم يكن يمتلكها، فانه لا يستطيع أن يصل الى تجسيد الشخصية بشكل جيد. وهذا ما يميز فنانا عن فنان آخر أيضا.

لهذا تتميزين بأداء الأدوار الصعبة المركبة؟

منى واصف: أخاف أن أمثل دورا كوميديا طويلا!!  صورة رقم 2

أميل دائما للعب أدوار المرأة القوية
الشرسة والعنيفة وغير العادية

بضحكة عالية تقول وهو ما يجعلهم يخافونني ولا يستطيعون الاقتراب مني. والله كل الذين يحملون اسم حمزة يهابونني، - اشارة الى شخصية "هند بنت عتبة" آكلة كبد حمزة في فيلم "الرسالة".

بعيدا عن الفن، كيف تنظرين للعالم الخارجى؟
أكثر ما يشغلني هم الفقراء، دائما أفكر فيهم وأتساءل: كيف يوفرون متطلبات معيشتهم اليومية من أكل وشرب؟ وأين يذهبون؟

ومع ذلك فهم موجودون؟ نحن موجودون؟
لأنهم يريدون أن يعيشوا، فهم الطبقة الأهم. لن تكون هناك استمرارية في الحياة اذا لم يعش هؤلاء. فهم وقود التغيير فى العالم، فالثورة الفرنسية كان سببها الجوع والفقر والقهر.

في رأيك، لماذا تنحو غالبية حواراتنا منحى العصبية واقصاء الآخر؟
لأنه ليس هناك ديمقراطية، فالديمقراطية، مجرد كلمة نرددها فقط في المناسبات ولا نؤمن برأي الآخر، ولا نحبه، لهذا تسود العصبية لأنى لا أحترم الآخر، ولا أؤمن به.

أين تجدين نفسك أكثر، بالأدوار التاريخية أم الاجتماعية؟ وأي التجاري شكلت شخصيتك لتصبحين االنجمة الأولى بامتياز؟
الأدوار التاريخية أكيد وكل التجارب الفاشلة والناجحة والاجتماعية والأدوار الكوميدية والمسرح والسينما والتلفزيون والاذاعة، لم يصنعني عمل واحد ناجح، أضف الى ذلك قراءاتي واختياراتي وعلاقتي بالناس. اذ لم أبتعد يوما عن الحي الذي ولدت فيه لا أنا صغيرة ولا عندما كبرت ولا حتى بعد أن صرت نجمة، ولم أكذب مرة ولا قول اني أتيت من طبقة غير طبقتي التي عشت فيها ولاأزال، وكل الناس تعرف ابني وتعرفني وأنا صغيرة أو كبيرة، مشيت ومازلت أمشي في نفس الشوارع، كل هذا شكلني، أنا حصيلة كل هذه الأشياء مع بعضها.

حصولك على درع التميز في ختام فعاليات لقاء المنتجين العرب بالجامعة العربية ماذا أضاف لك؟
أكيد له طعم خاص، كونه أتى من داخل بيت العرب، وأنا سعيدة جدا بهذا التكريم الذي حظيت به، ان دل على شيء انما يدل ويؤكد على الدور الحقيقي للفنان العربي، والدور الذي يلعبه الفن في اثراء الساحة العربية والدولية بالأعمال الدرامية، التي تعبر عن هموم المواطن العربي في مختلف القضايا والأحداث. فالتكريم هو تشجيع على الاستمرارية، وفي الوقت نفسه هو تأكيد على أن الفنان مازال عنده ما يعطيه لهذا الجمهور العزيز.

ما السر وراء حماسك للقيام بدور أم الخرز في مسلسل " ليالي الصالحية "؟
أميل دائما للعب أدوار المرأة القوية الشرسة والعنيفة وغير العادية، لذلك شدتني شخصية "أم الخرز"، واشتغلت عليها، ليس فقط من ناحية الشكل الداخلي، بل الخارجي أيضا، اذ ساعدني الماكياج على اظهار معالم الحقد في الوجه. فالمرأة لم تكن جميلة، بل بالعكس كانت كريهة جدا وقاسية.

مشاركتك في مسلسلات رمضان الماضى، "فتافيت"، "صراع على الرمال"، "وحوش وسبايا"، "الحوت" و"أهل الراية"، كانت متميزة من حيث العدد والأداء، كيف ترين هذه التجارب؟

منى واصف: أخاف أن أمثل دورا كوميديا طويلا!!  صورة رقم 3

من الصعب جدا اقناع المشاهد بأنني
امرأة مغلوبة على أمرها

تجارب متميزة خصوصا، وأنها وجدت صدى كبيرا لدى الجمهور. لكن لابد من التنويه لكون الأدوار التي قمت بها ليست أدوار البطولة، وحاليا أنا أجسد دورا ثانويًا أو أظهر كضيف شرف، وهذا مرده للزمن خصوصا بعد أدوار المرحلة الأولى كان لابد من التدرج نحو أدوار الجدات، والبطولة تكون غالبا للعمل ككل.

لماذا تبحثين دائما عن تجسيد أدوار المرأة القوية فقط؟
لأني ببساطة لا أستطيع أن ألعب دور امرأة حيادية، فهذه الشخصية لا تناسب شخصيتي، فشكلي يلعب دورا مهما في هذا فهو يعبر عن امرأة قوية، وبذلك يكون من الصعب جدا اقناع المشاهد بأنني امرأة مغلوبة على أمرها.

ماذا عن تجربة ترشيحك لعضوية مجلس الشعب؟
كان لدي طموح أن أدخل الى مجلس الشعب، لكنني لم أنجح ولم أكرر التجربة، اذ اكتشفت أن حب تمثيل السلطة لا يعني مطلقا أن أكون ناجحة في هذا المجال.

ماذا عن تجسيد شخصيات الكوميديا؟
الكوميديا عمل وفن راق فمن السهل أن يبكي الممثل الجمهور، ولكن من الصعب عليه أن يضحكه. وقد لعبت على المسرح أدوارا كوميدية لـ"موليير " في دور الخادمة، ونجحت فيه. كما قدمت شخصيات أخرى عدة، لكن رغم ذلك فأنا أخاف أن أمثل دورا كوميديا طويلا، فتهتز شخصيتي القوية بنظر المشاهد، الشيء الذي يجعلني أكتفي بدور كوميدي واحد كل بضع سنوات.

ماذا عن المسرح؟ وهل أصبح خارج حساباتك؟
لا لم أجعله خارج حساباتي بصفة نهائية، ولا يعني أنني لا أحلم بالظهور على المسرح ثانية، فأنا قدمت شبابي للمسرح بارادتي، وأعطيته أجمل ما عندي، وهو في المقابل أعطاني أجمل ما عنده. وأتمنى العودة من خلال مسرحية عربية كبيرة، يشترك فيها ممثلون كثيرون، وأن تكون كلاسيكية لأني أنتمي الى المسرح الكلاسيكي، وأتمنى أن أقوم بالتمثيل والاخراج، وأذكر أن آخر عمل مسرحي لي كان في التسعينات، وهي مسرحية بعنوان "معالي الوزير" اخراج أسعد فضة.