منذ نعومة اظافره يكتب الطالب في الصف التاسع، جوناثان بادجر كلمات أغانيه، ويؤديها بأسلوب الـ "راب العربي" هذا الفن الذي استورده جيل الشباب الحديث من الولايات المتحدة الأمريكية، التي كان قد وصل اليها من الأفارقة سود البشرة الذين وصلوا الى امريكا لاهداف تجارية، أما جوناثان (14 عاما) فيعتبر اليوم أصغر مغني راب عربي في البلاد. وله مجموعة اغاني خاصة بعضها كثيرة المشاهدة والانتشار على موقع "يوتيوب العالمي". جوناثان هو ابن لأب داعم ومشجع من اصل بريطاني، وأم نصراوية، لذلك فانه يقول عن نفسه انه جاء من "خلطة" غريبة جذورها عربية، ونباتها انجليزي.

فن ثوري

مغني الراب جوناثان بادجر

يهدف فن الراب الى التعبير عن النفس وعن الحالة الاجتماعية او السياسية، وهو فن ثوري ناقد على حد قول جوناثان، في البداية لم يكن هذا النوع من الغناء مرغوبا في البلاد ولا حتى في الولايات المتحدة، وكان يقتصر على فئات أو مجموعات خاصة يمثلهم هذا الغناء ويعبر عن وجعهم وآلامهم، لكن بدأ بعد ذلك ينتشر على نطاق واسع – كما في بلادنا اليوم – مع ازدياد عدد مغني الراب "الرابرز". ويقول جوناثان "الهدف من الراب بسيط ان تتمتع وتمتع الناس من حولك، وفي الوقت نفسه انت تنقل رسالة عن طريق الكتابة هذه الرسالة تصل عن طريق الايقاع ومع أوزان مختلفة، أما الرسالة فقد تكون اجتماعية او سياسية او عاطفية،
وهذا ما يميز الراب عن باقي انواع الموسيقى بأنها غير مرتبطة بقوانين، بقدر ما يستطيع المغني ان يتحكم بها ويسيطر عليها كيفما يشاء. التشبيه الاكثر قربا لغناء الراب هو أن المغني هو القائد، الدفتر هو القاعدة العسكرية، الكلمات هي الجنود، واللسان هو السلاح.

ساندرو في "قصة العرب"
يذكر جوناثان اسم الشاب ساندرو جدعون، ويقول انه اول مغني "راب" في الناصرة، وأنه من أوائل مغني الراب العرب، وأول من اصدر اسطوانة للـ "راب العربي" على اسمه في البلاد. كان ساندرو صديقا لعائلة جوناثان، وكان قد أهدانا اغنية له مصورة "فيديو كليب" وقد اشتهرت الاغنية التي تحمل اسم "قصة العرب". ويقول جوناثان "لقد شاهدت الفيديو وعلى الرغم من صغر سني في حينه فقد أثارني وأعجبني الاداء، وطلبت منه أن يعطيني الألبوم وكانت فرحتي عظيمة حين استجاب لطلبي، ومنذ ذلك الحين بقيت محافظا عليه وما زلت أسمعه لأنني اعتبره القدوة والمثل الأعلى لي".

كنت مندمجا بشكل جميل وبقيت على هذا الحال من الجنون حتى صرت في الصف السابع، حينها كان لدي بعض الأصدقاء المطلعين على هوسي وكتاباتي، ومع اعلان المدرسة عن اقامة "يوم الطالب" فوجد أصدقائي في ذلك اليوم فرصة لي لأكشف عن موهبتي وشجعوني على الغناء، فتوجهت لصديق لي اسمه يونان نويصري، هو ايضا من عشاق موسيقى الراب، الذي أعد لي لحنا، وقد غنيت لأول مرة أمام نحو 500 طالب في المدرسة، وأظهرت توترا وارتباكا في المرة الأولى، ولكن كل من سمعني في ذلك اليوم استشعر الموهبة الكامنة بداخلي، حتى ان احد المربين أصبح في كل حصة يشترط عليّ الغناء قبل ان يبدأ الدرس، وصرت أكتب كلمات جديدة كل يوم لكي اسمعها لأستاذي جريس ابراهيم، لكي يسمح لي بالدخول الى درسه، وهذا كان محفزا بالنسبة لي لأكتب المزيد.

الابتسامة والمرح سر الحياة

"انا أحب الراب وهو
جزء لا يتجزء مني"

المشكلة التي واجهتني هي ذات المشكلة التي واجهت كبار مغني الراب الأوائل، وهي اني كنت مرات ايأس وأفقد الأمل بالنجاح في ايصال رسالتي الى الناس، كنت أدخل في حالة من الاحباط وأفتقد لوجود الاصوات الداعمة من حولي، باستثناء بعض الاصدقاء الذين لا يتعدى عددهم أصابع اليد الواحدة. وعندما كنت اصاب بالاحباط، كنت الجأ الى الكتابة، وعندما أشعر بالتعب والارهاق كنت أستمع الى الموسيقى. الحل كان بسيطا فقد عرفت سر الحياة من خلال الموسيقى، وهو ان أمشي في الشارع مرحا وأرسم ابتسامة على وجهي واّمنت بقدراتي ومهاراتي وبالفعل بدأت احقق نجاحات، وأجني ثمار ما استثمرته من جهد وعمل.

بحلم
اهلي كانوا دائماً أول وأكثر الداعمين وعندما توجهت أول مرة الى ستوديو عنان لتسجيل اغنية "بحلم" وهي اول اغنياتي كان والدي مندهشا، ولكنه عندما سمع الاغنية مسجلة أعجب بها الى حد بعيد، وكذلك أمي، لأن اغنية "بحلم" تعبر عن الأمل والتفاؤل، على العكس من أغاني اليوم التي غالبيتها متشائمة وتعكس واقعا مريرا وظواهر اجتماعية مؤلمة ومقلقة.

السماء هي الحدود
في البداية لم تكن طموحاته كبيرة، لكنه بعد النجاح الذي حققه في اغنيته الاولى، أصبحت طموحاته لا تعرف حدودا. ويقول جوناثان "تحمست وبدأت اكتب اكثر واكثر وصرت اخرج مع اصدقائي الـ"رابرز" الى الاستوديو، تقريباً كل يوم لنسجل ونتدرب ونتعلم اشياء جديدة.

رسالة عدل وسلام
ما اريده من الناس هو ان يسمعوني، وأن يقدروا فني، وان يسمعوا سواي ايضا وكل شيء اراه خاطئ في نظري سأكتب عنه وأغني من أجل تقويمه وتعديله وتصحيحه فالموسيقى هي رسالة عدل وسلام ومحبة.

أول حفل خاص
بدأت اغني من جيل 10 سنوات، كنت اكتب اشياء بسيطة واسجلها في البيت (تسجيل بسيط) وانشر الاغاني على موقع "يو تيوب". أول حفلة رسمية شاركت فيها كانت يوم 21\10\2012 حينها كان قد مضى شهران على تسجيل أغنيتي الجديدة، وكان لدي حلم هو ان لا تكون أغنياتي ضمن فقرة أو جزء من حفل، بل اردت ان ارى الجميع يقصدون الحفل من أجلي، وقد تحقق لي هذا الحلم عندما دعاني صديقان لي لحفل خاص أحييه أنا، حينها شعرت بأني أطير من الفرح وعندما غنيت شاهدت ردود الفعل القوية، المشجعة والداعمة التي زادت من حماسي ومن رغبتي وطمعي باحياء المزيد من الحفلات الخاصة.

الراب في دمي
انا أحب الراب وهو جزء لا يتجزء مني، ومن مكونات شخصيتي، حتى صار جزء مني ومن صفاتي الوراثية. ولكنني في الوقت نفسه لا اريد ان اتخذ من الـ "راب" مهنة بل ستبقى رسالة، وسأظل أكتب وأغني وأشارك في الحفلات من أجل المتعة لي وللجميع، حتى بعد ان أصبح مهندس الكترونيكا في المستقبل بإذن الله.