ربما يصفه البعض بأنه جريء.. أو أنه يرتقى لأعلى درجات الإنسانية والتسامح.. أو يذهب البعض لأبسط من ذلك أنه مجرد رجل شرح الله صدره وأسلم له ليتخلص من الحزن واليأس الذي يعيشه.. ولكن من المؤكد أن "الخواجة عبدالقادر" دعوة للحب والإنسانية نافس بها الفنان يحيى الفخراني كبار منافسيه ونجح في جذب قلوب المشاهدين لتسامح وطيبة عبدالقادر، وفي الحوار التالي يكشف الفخراني مزيدا من الأسرار عن الخواجة.

يحيى الفخراني: قبل أن أكون
فنانا فأنا مواطن مصري

في البداية كشف الفنان يحيى الفخراني عن أن المؤلف عبدالرحيم كمال عرض عليه المسلسل منذ 3 سنوات وكان وقتها اسمه "خطوة عبدالقادر"، قائلا "العمل عُرض عليّ قبل شيخ العرب همام ولكن ملخص القصة كان قصيرا جدا ولم يظهر الموضوع بهذا العمق ولذلك قلت لعبدالرحيم إنه لا يناسبني لأنه قصة حب وتناسب من هو أصغر مني في السن، ثم جاءني المؤلف العام الماضي وبيده المخلص المناسب وشعرت وقتها أنه عميق جدا ولا يقتصر على مجرد قصة حب بين رجل وامرأة، لكنها قصة حب أعمق هي حب العبد لربه، وتحمست له بشدة وشجعني ابني شادي أكثر عليه".

ولكن ما الذي جذبك لشخصية الخواجة عبدالقادر؟
قبل أن أكون فنانا فأنا مواطن مصري أشعر بهموم المصريين وبالقضايا التي تهمهم هذا فضلا عن أن الموضوع مثير للجدل ومهم، لأنه يعبر عن الإسلام الوسطى المعتدل الذي تربيت عليه منذ صغري، والذي يدعو للحب وللخير، وفي الحقيقة فكرة الحب هي أكثر شيء جذبني للموضوع لأن عبدالقادر أسلم بسبب حبه للخير ولأن قلبه طاهر ومتسامح رغم أنه كان ملحدا في البداية، والمسلسل يناهض أشياء غريبة طرأت على المجتمع في الفترة الماضية، فلا يصح استعمال العنف لجعل أحد يسلم بالعافية أو جعله يتبع عادات معينة باستخدام العنف.

معنى ذلك أن توقيت العمل كان مهما بالنسبة لك؟
لا، التوقيت لم يفرق معي، وبالمناسبة العمل لا علاقة بالتيار الإسلامي بصفة عامة كما يقول البعض، ولكنه يتعلق بالتناقض المتمثل في سماحة الإسلام وجوهره وبين ذلك المد الغريب الذي جعل الناس تترك جوهر الدين وتأخذ القشور منه ويستخدمون العنف لفرضه على غيرهم. وأضاف "هذا المد ليس في هذه الأيام فقط، فأذكر أنه في إحدى المرات عندما كنت طالبا بالامتياز وأسكن في المدينة الجامعية، كنت أحرص على الذهاب للصلاة في جامع جمال عبدالناصر، وفي مرة ذهبت لصلاة الجمعة وألقى الخطيب خطبة كانت قاسية لأنه خوّف الناس من عذاب القبر والنار، وهو ما جعلني أقرر عدم الذهاب لذلك الجامع مرة أخرى، وذلك على العكس مثلا من والدي الذي كان يأتي إلى جانبي ويرفع صوته بالصلاة وإذا لم أقم فإنه لا يجبرني، لأنه يريد أن يحببني في الموضوع، والحب هو ما أريده من المسلسل وليس الإجبار أو العنف".

وما رأيك في وصف المسلسل بأنه الأجرأ في رمضان؟
هو جريء لقول الحق فقط، ومع ذلك لديّ تحفظ على كلمة جرأة لأنها تعني أنه ضد الشائع وغير الحقيقي، ولكنه ليس ضد الوسطية، و لذلك لا أحب وصفه بالجريء، فهناك أشياء حقيقية كثيرة في المسلسل مثل الشيخ الذي علّم عبدالقادر حفظ القرآن وكذلك إمام الجامع الذي يأخذ قشور الدين فقط.. وغيرها.

تم التعرض لفكرة أولياء الله الصالحين وهدم الأضرحة التي تعتبر منطقة حساسة؟

"أنا مع حب ربنا وعبادته بأي
طريقة يجدها الإنسان صحيحة"

هي فكرة حساسة لأن هناك من ينادون بهدم الأضرحة، واعتبره تصرفا ينطوي على عنف من قبل هؤلاء، لأن كل واحد حر في الطريقة التي يعبد بها الله وهو رب قلوب، فتلك الأماكن بنيت بدافع الحب، وهذه الجملة قيلت في أول مشهد من المسلسل وسيتم تكرارها في آخر الحلقات، وهذا ما قاله كمال محمود الجندى أن المقام مبنى بالحب في القلب ولا يوجد من سيعبد الضريح، وهذا ما يريد المسلسل توضيحه أن الإسلام دين وسطى يدعو للمحبة، ولابد أن نأخذ جوهر الدين.

ولكن معارضة الأضرحة جاءت بسبب رفض الوساطة بين العبد وربه؟
أنا مع حب ربنا وعبادته بأي طريقة يجدها الإنسان صحيحة، ومسألة الأضرحة أجد أن نعطيها لأصحابها، فالإفتاء والأزهر هم الأجدر على إعطاء الفتوى الصحيحة بخصوصها، لأنها الجهات التي من المفترض أن نعود إليها في أى أمور تخص التفسير والتفريق بين الحرام والحلال، ولا يصح أن نفرض رأينا على الناس وخصوصا لو كان بالعنف كما فعل البعض، فللأسف الشكل العنيف هو الذي خوّف وكره بعض الناس في الإسلام، وما قُدم في المسلسل هو الشكل الصحيح للإسلام الذي تربيت عليه في صغرى.

هل صحيح أن العمل مبني على قصة حقيقية؟
عبدالرحيم كمال والسوداني عبدالخالق عمر الذي جسد دور فضل الله قالا ذلك، والحقيقة أن الخواجة كان ألمانيا واستقر في الصعيد بعد إسلامه، وهذه الرواية حكاها والد مؤلف المسلسل، الذي سمى محمود الجندي كمال على اسم والده.

ولماذا اخترتم فترة الحرب العالمية لسرد الأحداث؟
اخترنا هذه الفترة بالذات لتوفير عنصر الدراما، متمثلة في وفاة الأخ في الحرب والدمار والقسوة وتأثيرها على هربرت، بالإضافة إلى أن تلك الفترة كانت مصر محتلة من الإنجليز، وبالتالي نجد سببا لعدم طرد الخواجة بسهولة من أي مكان، وبالمناسبة أنا من طلب جعل الخواجة جنسيته إنجليزية وليست ألمانية كما في الحقيقة، لسبب وحيد وهو اللغة لأن الإنجليزية أستطيع التحدث بها أما الألمانية أصعب، ولذلك قمت بعمل جلسات تحضيرية مع عدة خواجات إنجليز يتحدثون العربية لأعرف كيف ينطقون بها.

ولكن استخدام اللغة العربية الفصحى تم انتقادها؟

"مسلسل الخواجة ليس سهلا
ويجب التركيز معه لأقصى درجة"

كان لابد من استخدام العربية الفصحى، لأن الإنجليزية كانت ستفقدنا كثيرا من الجمهور الذي من الممكن أن يكون أميا، فضلا عن الإحساس الذي اهتممت بتوصيله للناس، وبناء عليه عقدنا اتفاقا مع المشاهد أن العربية الفصحى تساوي الإنجليزية.

النقلات بين الماضي والحاضر كانت مشتتة.. فما تعليقك؟
النقلات كانت مشتتة في البداية فقط، ثم بعد ذلك عرف المشاهدون الشخصيات وفرقوا بين الماضي والحاضر جيدا، وأحب أن أقول شيئا وهو أن المسلسل ليس سهلا ويجب التركيز معه لأقصى درجة، ولم يفهمه البعض لأنه بمجرد حدوث فاصل إعلاني يغيرون المحطة ثم يعودون بعد فترة من بدء الحلقة وهو ما شتت الناس، ولكن في النهاية اعتبر رمضان مجرد إعلان للمسلسل والمشاهدة الحقيقية بعده، وأنا أقيس نجاح أى عمل بطول عمره. وأضاف "في البداية كنت أتضايق جدا من الإعلانات وبسببها كنت (بتخانق) مع القنوات، ولكن بمرور الوقت اكتشفت أن الإعلانات مهمة لأنها تدل على نسب المشاهدة العالية".

وما ردك على من يدعون أنك دفعت بابنك شادى لإخراج المسلسل؟
هذه المسألة تذكرني بقصة (جحا والحمار)، فأنا اكتشفت مخرجين شبابا كثيرين أمثال ساندرا نشأت وشريف عرفة، ولا يوجد في الفن حاجة اسمها واسطة لأن الشخص لازم يكون موهوبا بحق، وهذا ما قلته لشادي وقت التحاقه بالمعهد، ولذلك لا أحب أن يقول أحد إني فرضته أو دفعت به.

ما تعليقك على عرض قناة الحياة مسلسلى "الخواجة عبدالقادر" و"عرفة البحر" في ذات التوقيت حتى في الإعادة؟
لا أعرف لماذا فعلت الحياة هكذا وهي حاجة ليست مفهومة، فأنا أحب مشاهدة نور الشريف، ولذلك فضلت مشاهدة مسلسلى على "ام بي سي"، واعتقد أنهم اعتمدوا على الإعادة، وفي النهاية هي مسألة تخصهم ولن أتدخل بها. (الشروق).