حامل لواء الأغنية "الجبلية" السورية في العقد الأخير من الزمن، وقد عمل جاهدا على إعادة إحيائها في اللحظة التي كانت أوراق نعوتها قد دخلت إلى المطابع. عشر سنوات من الـتألق وأحيانا كثيرة التفرد. من "الحاصودي" إلى "علوش"، إلى شهر كامل أمضاه قبل أسابيع في أمريكا يحيي حفلات في 8 ولايات.. إنه النجم علي الديك واليكم مقابلة كاملة معه.

ما الجديد الذي سيقدمه علي الديك لجمهوره قريبا؟

"احضر لمشروع جديد مع لورا خليل"

هناك مشروع جديد لأغنية أؤديها مع النجمة اللبنانية لورا خليل ومن كلمات الشاعر الكبير أكثم جويهرة، وقد بدأنا العمل به منذ عشرين يوما فقط. الأغنية تتحدث بلهجة الريف الساحلي، اللهجة الجميلة التي أتكلمها أنا بالأصل. وستكون هي مشروع العام الجديد 2012 إضافة إلى أغنية أخرى باللهجة العراقية واللون العراقي الرائع وهي بعنوان "خانتني".

ماذا عن الأغنية الأولى الريفية، هل من تفاصيل حولها؟
الأغنية تتحدث عن ثقة الشاب بنفسه مع محبوبته التي تحاول نسيان حبها له، فيقول لها فيما معناه: (ما حزرتي).مطلع الأغنية هو: ليّك ولك ليّك واعينو لبيّك اتحبيني وتنيسيني ما زمّر ابنيّك.

قد يحتاج البعض لتفسير الكلمات فيها.. بم تفيدهم؟
ليّك ( بفتح الياء المشددة) هي تشديد لكلمة (ليك) التي تعني بالعامية (شوف) كأن نقول لأحد ما (ليكو فلان) أي (شوفو لفلان). واعينو لبيك.. جملة ريفية بحتة. الواو فيها للنداء وبيّك تعني (ابوك). أما جملة ما زمر ابنيك، فهي تعود لمثل ريفي قديم جدا لرجل كان يبيع مزامير في القرى، فأرادت امرأة شراء مزمار لابنها الصغير، لكنها لم تكن تملك كامل ثمن المزمار. قالت له: معي ثلاث فرنكات فقط فقال لها: ما زمّر ابنيك. أي لن يزمر ابنك. قياسا باللهجة العامية اليوم فهي تعني "ما حزرت"، الكلمة التي يقولها شخص لآخر رفضا لطلب ما طلبه منه.

عدت قبل أسابيع قليلة من رحلتك إلى أمريكا.. ماذا تحدثنا عنها؟
قمت برحلة غنائية إلى الولايات المتحدة الأمريكية حيث غنيت هناك للجالية العربية في ثماني ولايات أبرزها لوس أنجلوس وديترويت ونيويورك وشيكاغو، وكان لديترويت حفلتان لوحدها. لا يمكنني الحديث سوى عن تعلق العرب في المغترب بوطنهم الأم، الوطن العربي على امتداده ، ولم يكن هناك فرق بين سوري أو مصري أو خليجي. كان الكل عربا واستمع الجميع إلى الغناء الذي جاءهم بلغتهم الأم.

لكن أن تبقى في أمريكا لشهر كامل، فالمدة طويلة جدا.. لماذا؟

"دومينيك نجمة كبيرة
ولها جمهور كبير"

لأننا اتفقنا مع القائمين على الرحلة على أن أغني في 8 ولايات، أي ثماني حفلات، وفي أمريكا لا يمكن الغناء سوى يومين في الأسبوع هما (الجمعة والسبت)، واستثناء لذلك كانت حفلة نيويورك .لم يكن بالإمكان الغناء في أسبوع متواصل، فكان لا بد من البقاء طويلا هناك، لكنها كانت فرصة للقاء نخبة العرب المغتربين الذين يتوقون لرؤية أوطانهم فكانت تلك الحفلات عبارة عن شريط واصل بينهم وبين بلدانهم، وهذا ما كان بالضبط.

سمعنا أنه في إحدى الحفلات تم قطع الكهرباء بشكل مقصود.. ما توضيحك حول ذلك؟
لم تقطع الكهرباء في أي لحظة طوال الحفلات الثمانية، لكن في الحقيقة كان هناك مضايقات بشكل أو بآخر، وكان البعض يطلب منا ألا نغني لأوطاننا أو أن نذكر أسماء أشخاص في تلك الحفلات، لكنني كنت عنيدا، وغنيت لوطني وللبلدان العربية، وحييت قائدي الرئيس بشار الأسد، فكان أنه في إحدى الحفلات وكان متبقيا على انتهاء الوقت المخصص للحفل دقيقة ونصف، فقيل لي إنهم قطعوا الصوت والموسيقى، حيث لم تكن الموسيقى في ذلك الوقت القصير تصل إلى الجمهور . أما الكهرباء فلم تقطع إطلاقا.

يقول المراقبون إن تعاونك مع الفنانة اللبنانية دومينيك حوراني كان متموجا، فنجاح باهر في البداية ثم أقل من ذلك بعد ذلك؟
التعاون مع النجمة دومينيك حوراني مثمر وهو مر بنجاحات منقطعة منذ اللحظة الأولى، وقدمت وإياها كليب أكثر من رائع ولاقى نجاحا باهرا وانتشارا قل نظيره. لا يوجد تموج، بل إن الظروف التي مرت بها الدول العربية أثناء طرح الكليب الثاني كانت غير مشجعة على الإقبال فالمواطن العربي انشغل بما يحصل في بلدانه.

سأل كثيرون لماذا دومينيك حوراني وليس غيرها؟
أولا العمل ليس مع دومينيك فقط، بل كما قلت قبل قليل إني دخلت في مشروع كليب سيرى النور قريبا وسيكون مع النجمة لورا خليل ومع كاتب جديد هو أكثم جويهرة، وهذا أراه تنوعا بامتياز. لكن بمسألة دومينيك فالأمر واضح وهو أن دومينيك نجمة كبيرة ولها جمهور كبير، كما أنها تجيد اللهجة الجبلية أو الغناء باللون الذي أغني به، وفي جبال الساحل السوري حيث موطن تلك اللهجة أقبل الناس على صوت دومينيك منذ أغنية "الخاشوقة"، وهذا ما ساعدني على استمرار التعاون معها.

كان لك تصريح قبل فترة بأن مطربي لبنان يدورون في فلكك.. هل بالفعل قلت ذلك؟
قلت ذلك ولم أقله. بمعنى، أنني قلت بأن المطربين اللبنانيين اليوم يقلدون اللون الذي أغنيه، وهذا اللون كان شبه ميت في التسعينات، وجئت أنا لأحييه منذ العام 2000 وحتى اليوم . وبعد النجاحات التي حققتها في اللون الجبلي، عاد البعض من المطربين في سورية ولبنان ليغنوا اللون الجبلي. يمكنني القول بأنهم يدورون في فلك لوني، لكني لكم أقل أنهم يدورون في فلكي إطلاقا.

كثيرون من نجوم الغناء العربي يفقدون جمهورهم في وقت ما .. متى قد يفقد علي الديك جمهوره؟

"لم اقفز فوق مستوى وعي كل
الشرائح العمرية في المجتمع السوري"

يفقده عندما يبتعد عنه، وعندما لا يعود يميز بين مصلحة الجمهور ومصلحته الشخصية، وعندما يتخلى عن اللون الذي اكتسب بفضله ذلك الجمهور. على الفنان ألا ينقطع عن الجمهور، وهنا لدي فكرة أود إيصالها، وهي أن الفنان الذي يحترم جمهوره قد يضطر أحيانا إلى تقديم أغنية من خارج لونه، وأنا أرى ذلك أمرا صحيحا، فعندما لا يكون بين يديه أغنية تقليدية يقدمها لجمهوره فهذا لا يجيز له البعد عن الناس الذين أحبوه، بل عليه التواصل معهم ولو بأغنية قد لا تضرب ضربة قوية في الشارع ، فهو يكون بذلك قد حافظ على التواصل مع جمهوره.

هل تفكر بتغيير لونك يوما ما؟
ليس تماما، بل أسعى للعمل على التنويع لكن مع المحافظة على الخط السوي الذي رسمته مع جمهوري والذي هو الصدق في طرح أفكا الأغنية، فليس من الطبيعي بمكان أن أقول لجمهوري في أغنية موديرنية بأنني سأجلب لبن العصفور لحبيبتي، لكن بإمكاني أن أصف لهم في تلك الأغنية ما يمكن أني يقدمه الشخص لحبيبته. لماذا الجمهور تعلق بأغنياتي؟.. الجواب بسيط وهو أنني لم اقفز فوق مستوى وعي كل الشرائح العمرية في المجتمع السوري وحتى العربي.

خسر الغناء الريفي قبل ستة أشهر النجم الكبير فؤاد غازي.. برأيك.. هل مات فؤاد الصيف الماضي أم مات منذ التسعينات؟
بل مات الصيف الماضي، وأنت تقصد أن فؤاد تخلى عن فنه وجمهوره منذ التسعينات. مهما كان يبقى فؤاد غازي مدرسة عليا في الغناء الجبلي وهو أستاذنا جميعا، لكن هناك ظروف حياتية جعلته يبتعد عن أجواء الغناء والطرب ، وبرحيله خسرت الحركة الفنية العربية رمزا من رموزها.

ماذا تتذكر من فؤاد الآن؟
أذكر أنني كنت وإياه في سيارة قبل سنوات قليلة وسألته : هل هناك أطيب من صوتك في الدنيا يا فؤاد؟. قال لي: لا. قلت له: لماذا؟.. قال: لأنني لم أقفل في حياتي موالا أغنيه. قلت له: لكن المواويل كلها تقفل في النهاية؟.. فقال: لا.. أنا لا أقفل أبدا، من يقفل مواويلي هو الله سبحانه وتعالى الذي منحني حنجرة تجعلني أتحكم بإيقاع الموال وطوله أو قصره كيفما أشاء. (النشرة).