على مدى السنوات الثلات الأخيرة، تحول المسلسل السوري "باب الحارة" إلى ظاهرة تليفزيونية جديرة بالرصد، فالمسلسل الذي يعرض هذا العام جزءه الرابع، لاقى نجاحا كبيرا وشعبية طاغية في العالم العربي يرجع عدد من النقاد سببها إلى مضمونه المتصل بالحارة الدمشقية القديمة أوائل القرن العشرين ومجموعة القيم الاجتماعية التي يعكسها مثل الترابط والتكافل بين أبناء الحارة الواحدة والتصدي للمستعمر واحترام كبار السن.
استغل شخصية "ابو شهاب" في
دعاية تلفزيونية!!
وفي الجزء الرابع الذي بدأ عرضه على فضائية MBC1 يعود المخرج بسام الملا ليطرح تصوره عن ماضي دمشق من خلال "حارة الضبع" المتخيلة والتي تدور أغلب أحداث المسلسل داخل بيوتها وأزقتها.
ولعل أبرز ما يميز هذا الجزء، هو غياب عدد من شخصيات المسلسل الرئيسية وفى مقدمتها شخصية زعيم الحارة "أبوشهاب" التي يؤديها الفنان سامر المصرى، والتي أرجع الملا سبب غيابها عن المسلسل لخلاف شخصي بينه وبين المصرى على خلفية قيامه باستغلال شخصية "أبوشهاب" في دعاية تليفزيونية، وهو ما جعل البعض يؤكد أن المسلسل بدأ يفقد بعضا من بريقه بشكل قد يهدد استمراره لأجزاء تالية.
وكان الجزء الثالث من المسلسل قد شهد أيضا خروج شخصية "أبوعصام" التي جسدها الفنان عباس النورى بسبب خلاف مماثل مع المخرج الملا والمؤلف نبيل فاروق الذي يشارك في بطولة المسلسل في دور "أبوحاتم"، وهو ما أثار الاستياء من غياب زعماء الحارة حتى اعتبر البعض الأمر بمثابة فقدان المسلسل للبريق الذي تميز به. وتبدأ أحداث الجزء الرابع من حيث انتهى الثالث، حيث تشهد بوابات الحارة معركة حامية بين المقاومة ممثلة في أهالي الحارة بقيادة أبوشهاب وبين قوة من الاحتلال الفرنسي حاولت اعتقال عدد من المقاومين.
وبدأت الحلقة الأولى بتمكن أهل الحارة من قتل عدد من الجنود الفرنسيين في كمين محكم وأسر عدد آخر، وسرعان ما تصل التعزيزات الفرنسية ويبدأ قائدها التفاوض مع أهل الحارة الذين يقودهم كل من الشاب معتز (وائل شرف) وأبوحاتم بعد انسحاب أبوشهاب. وفي ظل إصرار أهل الحارة على المقاومة، تطوق القوات الفرنسية الحارة وتفرض عليها حصارا خانقا يتمثل في قطع الكهرباء ومنع الدخول والخروج، أملا في أن يستسلم الأهالي بسبب الجوع ونقص الإمدادات.
يبرز المشاركة النسوية في المقاومة ضد
المحتل الفرنسي
إلا أن صمود الأهالي يزداد بفضل تكاتفهم مع بعضهم البعض ويلجأون إلى حلول وسط أهمها الاكتفاء الذاتي داخل بيوتهم للتغلب على مسألة نقص الغذاء واستخدام الشموع والفوانيس في ظل انقطاع الكهرباء. في الوقت ذاته، يبرز دور نساء الحارة، بعد أن كان المسلسل قد لاقى العديد من الانتقادات بسبب الصورة التي قدمها للمرأة الدمشقية وحصره لدورها داخل البيت وغالبا في المطبخ.
وجاء هذا الجزء ليقدم صورة مغايرة للمرأة السورية، حيث يبرز المشاركة النسوية في المقاومة ضد المحتل الفرنسي، خاصة في ظل غياب الرجال وكان فريق العمل حريصا على إبراز هذا الجانب في دعاية المسلسل، حيث ركزت أغلبها على لقطات تظهر نساء الحارة وقد حملن المشاعل وخرجن لمواجهة الجنود الفرنسيين مطالبين إياهم بالرحيل عن الحارة.
وأبرزت الدعاية صيحة أم حاتم (صباح بركات) وهى تقود النساء وتصيح بالجنود "إن غاب رجال الحارة فنحن رجالها". كما تبرز الأحداث التعاضد بين مسلمى ومسيحيى سورية في تلك الفترة، حيث تدخل إلى الحارة سيدة مسيحية مسنة تدعى أم جوزيف، تقوم بدورها الفنانة منى واصف، وسرعان ما تصبح ناشطة في المقاومة أيضا مع بقية النساء.
ولاقى المسلسل حتى الآن شعبية واسعة فى الأراضى الفلسطينية المحتلة لا سيما في قطاع غزة، حيث رأى فيه الجمهور هناك صورة مشابهة لما يواجهونه في حياتهم خاصة فيما يتعلق بممارسات الاحتلال وتصدى الأهالي لها. ويرى كثيرون أن أحداث غزة تلقى بظلالها على أحداث هذا الجزء من المسلسل خاصة مع تشابه ظروف الحصار والمواجهة المستمرة مع المحتل.