يؤمن المخرج اللبناني باسم كريستو بأهمية توظيف التطوّر التكنولوجي في عالم الإخراج لجذب المشاهد خصوصاً في البرامج السياسية وإبعاد صفة الجمود عن المواضيع التي تعتبر جافة خصوصاً السياسية، لذلك تأخذ الحركة حيزاً واسعاً في برامجه ويبدو الإبهار عنصراً رئيساً يعتمد عليه في لغته الإخراجية التي حققت تميزاً سواء على صعيد البرامج الفنية أو السياسية فصحّت تسميته بمخرج البرامج الضخمة. حول مسيرته في عالم الإخراج وأهم محطات نجاحه وتميّزه ومشاريعه المستقبلية كانت دردشة الجريدة التالية مع باسم:
إلى أي مدى ساهمت في تقدم قطاع البرامج في لبنان والعالم العربي؟
ينقصنا الاستقرار على الصعيدين
السياسي والأمني
أنا فرد ضمن مجموعة لديها هواجس وأحلام برفع مستوى الإنتاج التلفزيوني العربي ليصل إلى المستوى العالمي، لا أبالغ في القول إننا وصلنا إلى المستوى العالمي في الإنتاج التلفزيوني سواء في لبنان أو في العالم العربي، وذلك بشهادة أصحاب الاختصاص الأوروبيين الذين أكدوا تقدّم الإنتاج التلفزيوني العربي حتى على بعض البلدان الأوروبية. وقد لمس المشاهدون ذلك في السنوات الأخيرة عبر الأعمال الضخمة التي عرضت على الشاشات.
اليوم، بماذا تحلم؟
أن تصبح بيروت عاصمة عالمية للإنتاج، وهذا الأمر ليس مستحيلاً لأننا نملك الإمكانات المادية والطاقات البشرية والفكر الخّلاق، إنما ينقصنا الاستقرار على الصعيدين السياسي والأمني، في حال تأمن الهدوء ستصبح بيروت نقطة جذب للبلدان العربية التي تودّ إنتاج برامج عالمية، ذلك أن نوعية الإنتاج لدينا كذلك الكلفة أفضل بكثير من البلدان الأخرى.
ما صحّة ما يحكى عن مبالغ خيالية تصرف لتنفيذ برنامج واحد؟
إذا تم تقسيم موازنة البرنامج الواحد على كل الدول العربية التي يعرض فيها، نلاحظ أن الكلفة بسيطة وليست خيالية كما يحكى، نسبة إلى البرامج التي تنفذ في أوروبا مثلاً وتتوجه إلى بلد واحد.
يمكننا التحدث عن أرقام كبيرة في حال قارنا المبالغ التي تصرف على البرامج الحالية وتلك التي كانت تصرف على البرامج التي نفذت منذ سنوات عشر على الصعيد العربي، من حسن الحظ راهنت الشاشات العربية على قطاع البرامج وخصصت له موازنات مهمة ولولا هذا الاهتمام لما حققنا تقدماً .
هل ثمة دعم من الدولة اللبنانية لهذا القطاع؟
أبدا، لو توافر الدعم لكان العمل أسهل والمشاريع أكثر، كان لبنان البلد الأول الذي طرح فكرة "المدينة الإعلامية"، لكن للأسف لم تنفّذ بسبب التجاذبات السياسية والأحداث الأمنية المتكررة، فيما أصبحت حقيقة في بلدان عربية عدة. مع ذلك أعتبر لبنان بحد ذاته مدينة إعلامية.
ما الذي جذبك إلى عالم الإخراج؟
أحببت عالم التلفزيون والفن والإعلام منذ طفولتي إنما لم أكن اعتبره مهنة بل هواية لذلك درست الحقوق، في أثناء دراستي سألت نفسي، لماذا لا تكون هوايتي مهنتي؟ فتوقفت عن الدراسة وتحوّلت إلى الفن الذي تشربت أجواءه في المنزل من خلال والدتي الشاعرة والفنانة التشكيلية باسمة بطولي.
إلى أي مدى أدّت والدتك دوراً كبيرا في حياتك؟
تؤمن والدتي بالوراثة الفنية، وساهم انفتاحها الدائم على الشعراء والممثلين والفنانين واستقبالها إياهم في المنزل بصورة دائمة وعبر لقاءات مميزة، في تنمية الحس الفني لديّ وبدل ترجمته شعراً أو رسماً حققته في عالم الإخراج التلفزيوني.
ماذا عن بداياتك على شاشة الـC33 ومن ثم انتقالك إلى المؤسسة اللبنانية للإرسال؟
تركت المؤسسة اللبنانية لانني ابحث
عن فرص اكبر
كانت الـ C33 محطة فنية فرنكوفونية تابعة للمؤسسة اللبنانية للإرسال لكنها لم تستمرّ، شكلت هذه المرحلة أجمل مراحل حياتي تكونت فيها شخصيتي التلفزيونية وكان عطائي من دون حدود، إلى درجة أن الوقت لم يكن موجوداً في عرفي وكنت أوصل الليل بالنهار بفرح وحماسة، يدفعني حبي للعمل الذي أقوم به والخبرة التي أكتسبها.
ما كان برنامجك الأول على شاشة المؤسسسة اللبنانية للإرسال؟
"الكاميرا وين"، استوحيته من برامج الكاميرا الخفية على الشاشات العالمية، وعندما عرضت فكرتي على مدير البرامج أعجبته وطلب مني تنفيذها على الفور، وهكذا بدأت.
لماذا تركت الـمؤسسة اللبنانية للإرسال؟
لأنني أبحث دائماً عن فرص أكبر.
ما رأيك بالبرامج الحوارية وهل تعتقد أنها باتت متشابهة وإلى أي مدى تكمن الصعوبة في ابتكار أفكار جديدة؟
ليس هناك من فكرة لم تنفذ في العالم ولم يعد أي شيء جديد تحت الشمس. تكمن الأهمية في كيفية تركيب الأشياء مع بعضها البعض بشكل مختلف لتقديم مادة جديدة شكلاً ومضموناً، لا أخفي أنه مع الوقت يصبح ابتكار أفكار جديدة أكثر صعوبة، إنما أؤكد في المقابل أن من يملك قدرة الابتكار لا بدّ من أن يبتعد عمله عن التكرار.
أين تصنف نفسك بين المخرجين؟
في أي مهنة ثمة فئة تسعى إلى ابتكار أفكار جديدة وفئة أخرى تقلد الأفكار المبتكرة، أصنّف نفسي ضمن الفئة الأولى لأن هاجسي الأكبر عدم الوقوع في التكرار وتقديم صورة جديدة للناس من جهة، ومواكبة التطور التكنولوجي وتوظيفه في عملي ليأتي مختلفاّ من جهة أخرى.
هل تجد أن برنامج "مايسترو" شكّل نقلة نوعية في البرامج الحوارية؟
100%، كان منعطفاً مهماً في البرامج الحوارية لأنه كسر فكرة الحوار التقليدي كذلك كانت المادة البصرية المقدمة توازي أهمية المضمون.
إلى أي مدى ينعكس التناغم بين المخرج والمقدّم إيجاباً على البرنامج؟
من الضروري أن يكون الانسجام كاملاً وكذلك التنسيق بين المقدّم والمخرج إضافة إلى المعدّ، ليأتي العمل متكاملاً وناجحاً، المخرج هو صلة الوصل بين الفكرة الأساسية والنتيجة النهائية، لذلك أتدخل في كل التفاصيل من ديكور وإضاءة وغيرها وتكون بصمتي واضحة في مراحل العمل كافة.
هل تنسجم مع مقدم معين أكثر من غيره من بين الذين تعاونت معهم؟
أتواصل مع مقدمين معينين أكثر من غيرهم لأننا نكون على "الموجة نفسها" كما يقال، بصراحة يصعب عليّ الدخول في مشروع عمل مع مقدّم لست مقتنعاً به، كذلك أرفض العمل في حال كان أي من عناصره ضعيفاً ويحتمل أن يؤثر سلباً فيه. لدي على الدوام حرية الاختيار ولا أبالغ إن قلت إن الحد الأدنى من التفاهم والتناغم كان موجوداً بيني وبين المقدمين الذين تعاملت معهم، بطبيعة الحال ربطت بيني وبين بعض هؤلاء خبرة طويلة بسبب الأعمال المتكررة بيننا مثل نيشان.
كيف تفسّر نجاح برنامج "تاراتاتا" على فضائية "دبي" واستمراريته؟
حياتنا زوجتي وأنا ستتغير بالتأكيد
بسبب "خلطته السحرية"، تكمن الصعوبة فيه في جمع كمّ من الفنانين في حلقة واحدة، وقد شكلت الحلقة الأولى تحدياً بالنسبة إلي ولا أخفي القول إن فكرة البرنامج عرضت على فضائيات عربية كثيرة إلا أن هذه الأخيرة رفضته بسبب عدم ثقتها باستمراريته، لكن الحمدلله أثبت نجاحه الكبير والدليل أننا بدأنا الموسم الرابع منه، يكمن موطن الجمال فيه أنه برنامج فني وموسيقي بامتياز وهو نجم بحدّ ذاته، أما المقدم فهو ضيف على غرار الفنانين.
كيف تقيّم تجربتك الجديدة في السياسة من خلال إخراج برنامج "مسا الحرية" الذي يقدمه زياد نجيم على شاشة الـMTV؟
أحب السياسة وأتابعها دائماً، يختلف هذا البرنامج عن غيره من البرامج السياسية الحوارية بمشاركة 12 شخصية في الحوار في حين أنه يقتصر في البرامج الأخرى على اثنين أو ثلاثة. أشبهه بطاولة الحوار التي تجري في القصر الجمهوري في بعبدا بين السياسيين لكن هذه المرة على الشاشة أمام الناس وبشكل حضاري وراقٍ، كذلك شددت على جمال الصورة لجذب عين المشاهد والابتعاد عن المواد الجافة.
ستصبح أباً بعد شهرين، ما هو شعورك؟
أنتظر هذا الحدث بفارغ الصبر لأن حياتنا زوجتي وأنا ستتغير بالتأكيد، كذلك أولوياتنا ستتبدّل.
خلال سنوات طويلة من انتظار المولود الجديد، هل مررت بحالات من اليأس؟
لم يكن هناك مكان لليأس، ربما إحباط لكن لا يلبث الأمل أن يجتاحني من جديد، أنا أصلاً إنسان متفائل بطبعي.
ما جديدك؟
أحضّر برنامج ألعاب جديد لشاشة "دبي" إضافة إلى مشاريع جديدة لا أريد الدخول في تفاصيلها، كذلك أستعد لموسم جديد من برنامج "سوالفنا حلوة"، ويستمرّ برنامج "حديث البلد" على شاشة الـMTV. من جهة أخرى أحضرّ برنامجاً جديداً لنيشان على شاشة الـ MBC بعد انتهاء شهر رمضان المبارك بالإضافة إلى عروض من فضائيات عربية لإخراج برامج جديدة فيها.