خلال العام 1912، شهدت الإمبراطورية الروسية، أثناء فترة حكم نيقولا الثاني، تأسيس سلاح الجو الإمبراطوري الروسي. وعلى مدار فترة تواجده، امتلك سلاح الجو الإمبراطوري العديد من الطائرات الحربية محلية الصنع كأناترا دي (Anatra D) وغريغوروفيتش إم 5 (Grigorovich M-5) وغريغوروفيتش إم 11 (Grigorovich M-11) إضافة لأخرى أجنبية الصنع كالفرنسية فوازان إل (Voisin L). إلى ذلك، شارك سلاح الجو الإمبراطوري الروسي بالحرب العالمية الأولى قبل أن ينحل بشكل سريع بحلول العام 1917 تزامنا مع بداية الحرب الأهلية الروسية. وأثناء فترة تواجده، مر بسلاح الجو الإمبراطوري الروسي العديد من الطيارين الذين حققوا إنجازات تاريخية بالحرب العالمية الأولى من أمثال ألكسندر كازاكوف (Alexander Kazakov).

المسيرة العسكرية لكازاكوف
قبل إنشاء سلاح الجو الإمبراطوري الروسي، درس ألكسندر كازاكوف، المولود سنة 1889 بمقاطعة خيرسون التي كانت جزءا من الإمبراطورية الروسية، بكلية يليزافيتغراد (Yelizavetgrad) للفرسان وتخرج منها بحلول العام 1908. وبعد نحو 5 سنوات، اتجه كازاكوف لتغيير مجال دراسته مفضلا إجراء فترة تكوينية وتدريبية كطيار بمدرسة غاتشينا (Gatchina) للطيران الحربي.

مع بداية الحرب العالمية الأولى، أنهى ألكسندر كازاكوف دراسته واتجه للالتحاق بسلاح الجو الإمبراطوري الروسي. وخلال مسيرته، قاد هذا الطيار الروسي العديد من الطائرات من أمثال نيوبور 17 (Nieuport 17) ونيوبور 11 (Nieuport 11) فرنسيتي الصنع. وحسب المصادر الروسية، دخل ألكسندر كازاكوف تاريخ الطيران الحربي الروسي وحصل على لقب أفضل طيار روسي بالحرب العالمية الأولى عقب نجاحه في إسقاط 32 طائرة حربية، مصادر أخرى تحدثت عن 20 طائرة فقط، ألمانية ونمساوية. من جهة ثانية، اختص كازاكوف بمجال الصدام الجوي خلال المعارك مع طائرات العدو. وبفضل إنجازاته، رقّي الأخير لرتبة كولونيل كما كلف بمهمة قيادة أحد أسراب الطائرات. وبمسيرته، حصل كازاكوف على 7 أوسمة كان من ضمنها أوسمة أجنبية كوسام جوقة الشرف الفرنسي ووسام الصليب العسكري البريطاني.

انتحار كازاكوف
خلال فترة الحرب الأهلية، اصطف ألكسندر كازاكوف لجانب الجيش الأبيض في مواجهة البلشفيين. وفي الأثناء، تواجد كازاكوف بالشمال الروسي أين قاد سرب طائرات وقاتل لجانب حلفائه البريطانيين الذين لم يترددوا في التدخل ضد البلشفيين. وخلال الفترة الأولى من الحرب الأهلية، كانت الأفضلية للجيش الأبيض الذي تلقى دعما أجنبيا هاما من الحلفاء. وتدريجيا، انقلب الوضع لصالح البلشفيين. وبحلول أواخر تموز/يوليو 1919، باشر البريطانيون بسحب قواتهم من المنطقة مفضلين بذلك التخلي عن حلفائهم بالجيش الأبيض. وقبيل انسحابهم من الأراضي الروسية، عرض البريطانيون على كازاكوف الالتحاق بسلاح الجو الملكي وهو الأمر الذي رفضه الأخير بشدة.

تزامنا مع تراجع الجيش الأبيض على الجبهة وتقدم البلشفيين وانسحاب البريطانيين، أصيب ألكسندر كازاكوف بالاكتئاب. ويوم 1 آب/أغسطس 1919، قام كازاكوف بآخر مهمة له حيث رافق بطائرته سفينة بخارية تواجد على متنها عدد من رفاقه. ومن ثم طاف الأخير بطائرته حول السفينة كنوع من أنواع الوداع الأخير قبل أن يتجه بسرعة قصوى نحو المطار ليضع حدا لحياته، وهو في الثلاثين من العمر، عقب اصطدامه، بشكل متعمد، بإحدى حضائر الطائرات.

ننن