مسلسلات رمضان
بمعركة بين الماضي والمستقبل.. أبيد جنود الساموراي باليابان
30/08/2024

خلال شهر أيلول/سبتمبر 1877، عاشت اليابان على وقع واحدة من أغرب المعارك التي وضعت جيشا معاصرا ومتقدما في وجه مجموعة من قوات الساموراي التقليدية. فبتلك الفترة، لم يتردد حوالي 500 من قوات الساموراي في مهاجمة جيش ياباني، تكون من عشرات آلاف الجنود، مجهز بأفضل المعدات العسكرية الحديثة. وقد جاءت هذه المعركة عقب تمرد عدد من قوات الساموراي، سابقا، ضد سياسة تحديث البلاد التي قادها الإمبراطور الياباني ميجي (Meiji) منذ 10 سنوات. إلى ذلك، وصف العديد من المؤرخين هذه المعركة، المعروفة بمعركة شيروياما (Shiroyama)، بالصراع بين الماضي، المتخلف، والحاضر، المتقدم، حيث هاجمت قوات الساموراي حينها، بمعركة خاسرة ضمن ثورة ساتسوما، اعتمادا على السيوف جيشا متحضرا مزودا بالبنادق والمدافع.

بمعركة بين الماضي والمستقبل.. أبيد جنود الساموراي باليابان صورة رقم 1

تمرد الساموراي
منذ ما يقارب العشرة سنوات، باشر الإمبراطور الياباني ميجي بإعادة هيكلة اليابان قاطعا بذلك مع السياسة التي اعتمدتها البلاد منذ ما يزيد عن قرنين، أثناء فترة شوغونية توكوغاوا (Tokugawa)، والتي اقتصرت بالأساس على اعتماد الإقطاعية والعزلة الدولية. ومع توجهه لإعادة هيكلة الجيش الياباني حسب الفكر العسكري الغربي، لم يتردد الإمبراطور في إحالة مئات الآلاف من الساموراي على التقاعد مانحا إياهم رواتب ضئيلة. وأمام هذا الوضع، عجز عدد هائل من هؤلاء الساموراي السابقين على الإنخراط بالمجتمع بسبب فقدانهم لهيبتهم السابقة وعدم قدرتهم على التأقلم مع الحياة الفلاحية والتجارية العادية.

بمعركة بين الماضي والمستقبل.. أبيد جنود الساموراي باليابان صورة رقم 2

من جهة ثانية، شهدت تلك الفترة بروز شخصية الساموراي السابق سايغو تاكاموري (Saigō Takamori). فأثناء فترة إصلاح ميجي التي بدأت سنة 1867، مثل الأخير شخصية مركزية ساهمت في تحديث الجيش الياباني واعتماد نظام الخدمة العسكرية الإجبارية. وفي الأثناء، لقيت طموحات سايغو تاكاموري، الذي شغل منصب مستشار ووزير الحرب بفترة ما، معارضة من قبل العديد من المسؤولين. فخلال احدى المناسبات، طالب الأخير بالسماح له بغزو شبه الجزيرة الكورية وإخضاعها لسلطة اليابان. وأمام هذا الوضع، عارض الوزراء اليابانيون طموحات تاكاموري ووصفوها بالمكلفة ماديا وبشريا.

بمعركة بين الماضي والمستقبل.. أبيد جنود الساموراي باليابان صورة رقم 3

إلى ذلك، استقال تاكاموري من منصبه واتجه للعودة لمسقط رأسه كاغوشيما (Kagoshima) أين أسس مدرسة حربية. وبجزيرة كيوشو (Kyūshū)، حشد تاكاموري ما يقارب 40 ألفا من الساموراي الذين هيمنوا على مناطق واسعة أصبحت شبه مستقلة عن سلطة الحكومة المركزية اليابانية. وأمام هذا الوضع، طالب الإمبراطور ميجي مساعده السابق تاكاموري بالعودة للعاصمة وتجريد الساموراي من سلاحهم قبل أن يأمر فيما بعد بشن عملية عسكرية على المنطقة بهدف استعادة السيطرة عليها.

بمعركة بين الماضي والمستقبل.. أبيد جنود الساموراي باليابان صورة رقم 4

إبادة الساموراي
بسبب تخلفهم التقني ونقصهم العددي أمام الجيش الياباني الذي بلغت قواته 80 ألف عسكري بكيوشو، تعرضت قوات الساموراي لنكسات عديدة وأجبرت على التراجع تزامنا مع ارتفاع خسائرها البشرية وأعداد المنشقين بصفوفها. ومطلع شهر أيلول/سبتمبر 1877، تراجع سايغو تاكاموري رفقة ما تبقى من قواته، حوالي 500 ساموراي، نحو هضبة شيروياما (Shiroyama) واحتمى بها استعدادا لمواجهة محتملة مع قوات الجنرال الياباني ياماغاتا أريتومو (Yamagata Aritomo) المقدر عددها بما يزيد عن 30 ألف عسكري.

بمعركة بين الماضي والمستقبل.. أبيد جنود الساموراي باليابان صورة رقم 5

مع اقتراب ساعة الحسم، راسل الجنرال أريتومو نظيره تاكاموري وحثّه على الإستسلام لتجنب إراقة دماء اليابانيين. وفي الأثناء، رفض تاكاموري الأمر وتحدث عن احترامه لقوانين بوشيدو (Bushidō) الأخلاقية التي اعتمدها الساموراي على مر التاريخ. يوم 24 أيلول/سبتمبر 1877، تعرض تاكاموري وجنوده، البالغ عددهم 500 ساموراي، لقصف مدفعي مكثف. وتزامنا مع محاصرتهم وبداية تقدم الجيش الياباني تجاههم، هاجم الساموراي، الذين افتقروا للأسلحة النارية، باستخدام السيوف مفضلين بذلك القيام بهجمة انتحارية أخيرة. وبسبب ذلك، أبيد أغلبهم. وبحلول السادسة صباحا من ذلك اليوم، لم يتبقَ سوى 40 ساموراي على قيد الحياة. من جهته، تعرض سايغو تاكاموري لإصابة بليغة عند مستوى ساقه اليمنى وبطنه. وعملا بقوانين البوشيدو، رفض الأخير الاستسلام واتجه للانتحار، حسب طريقة السيبوكو (seppuku)، عن طريق تقطيع أحشائه.

بمعركة بين الماضي والمستقبل.. أبيد جنود الساموراي باليابان صورة رقم 6