خلال القرنين الماضيين، شهدت البرازيل العديد من الكوارث التي أسفرت عن سقوط مئات آلاف القتلى. وتنقسم هذه الكوارث بين طبيعية وأخرى من صنع البشر. فما بين عامي 1877 و1878، عرفت البرازيل كارثة جفاف سيكا العظيم (Grande Seca) الذي أسفر عن وفاة نصف مليون شخص. وبالقرن الماضي، شهدت البرازيل كوارث أخرى كحريق محمية ريو دوسي (Rio Doce) سنة 1967 وزلزال جواو كامارا (João Câmara) المدمر عام 1986.
إلى ذلك، كانت البرازيل مطلع الستينيات على موعد مع كارثة سيرك نيتيروي (Niterói) الذي أثارت صوره ذهول العالم. وبسبب عدد الضحايا المرتفع، صنّف الحريق الذي اندلع بالسيرك كأسوأ الحرائق بتاريخ البرازيل المعاصر.
صورة من حريق السيرك
سيرك نيتيروي
منتصف شهر كانون الأول/ديسمبر 1961، حلّ سيرك غران سيركوس نورتي أميريكانو (Gran Circus Norte-Americano) بمدينة نيتيروي لتقديم عروضه. وبتلك الفترة، وصف هذا السيرك بأكبر وأهم سيرك بأميركا اللاتينية حيث امتلك الأخير عروضا متعددة شارك بها حوالي 60 عارض محترف وبهلوان إضافة لما لا يقل عن 150 حيوانا مختلفا. من جهة ثانية، امتلك الرجل الثري دانيلو ستيفانوفيتش (Danilo Stevanovich) هذا السيرك. ولإبراز الحجم الهائل لعروضه، عمد الأخير لاقتناء خيمة كبيرة، مخصصة للسيرك، من الهند بلغ وزنها 6 أطنان وصنعت من مواد النايلون (Nylon) والقطن والبارافين المعروف أيضا بشمع البترول شديد الالتهاب.
لوحة تعبيرية لكارثة الجفاف والمجاعة التي حلت بالبرازيل بالقرن 19
503 قتلى
أثناء العرض الذي أقيم يوم 17 كانون الأول/ديسمبر 1961، اندلعت النيران بشكل مفاجئ داخل خيمة السيرك التي تواجد بداخلها حوالي 3 آلاف متفرج. وعلى الفور، أسفرت ألسنة النيران عن ظهور حالة من الهلع بين الجماهير التي حاولت، بشكل غير منسق وغير منظم، التوجه نحو المخرج. وأمام تراكم الجميع أمام المخرج الوحيد، أقدم أحد الحاضرين على استخدام سكين كانت بحوزته لفتح مخرج آخر بالخيمة مساهما بذلك في إنقاذ العديد من الأرواح.
بعد مضي 5 دقائق فقط عن بداية الحريق، التهمت ألسنة اللهب خيمة السيرك بشكل كامل. وعلى عين المكان، فارق 372 شخصا الحياة إما حرقا أو اختناقا بسبب الغازات. وبالأيام القليلة التالية، ارتفعت حصيلة الضحايا بشكل سريع حيث استقر عدد القتلى عند 503 قتيل بينما أصيب أكثر من 800 آخرين بجروح متفاوتة الخطورة.
صورة لما تبقى من السيرك عقب الحريق
لاحقا، تحدث بعض المحققين عن اندلاع الحريق بفعل فاعل. وبسبب ذلك، ألقت السلطات البرازيلية القبض على 3 من المشتبه فيهم. وفي الأثناء، رفضت بعض التقارير الأخرى فرضية إضرام النيران عمدا بالسيرك وتحدثت عن اندلاع ألسنة اللهب بسبب مشاكل بالتيار الكهربائي. عقب كارثة سيرك مدينة نيتيروي، أعلنت السلطات البرازيلية الحداد لمدة 3 أيام ونظمت عمليات لجمع المساعدات، شارك بها مدير السيرك دانيلو ستيفانوفيتش، بهدف مد يد العون للعائلات المتضررة.