عقب حادثة انفجار السفينة ماين (Maine) قرب ميناء هافانا ليلة 15 شباط/فبراير 1898، اتجهت الولايات المتحدة الأميركية للتدخل عسكريا ضد إسبانيا بحرب الاستقلال الكوبية، ومن خلال ذلك، حاول الأميركيون إنهاء الوجود الإسباني بهذه المنطقة التي تبعد بضعة مئات الكيلومترات عن سواحل فلوريدا.

وبعد حوالي 3 أشهر ونصف الشهر، تمكنت واشنطن من إنهاء النفوذ الإسباني بالمنطقة تزامنا مع حصولها على الفلبين عقب صفقة أبرمت مع مدريد، وفي خضم هذه الحرب الأميركية الإسبانية، اهتزت إدارة الرئيس الأميركي وليام ماكينلي (William McKinley) على وقع فضيحة اللحم الفاسد والمغشوش حيث حصل الجنود الأميركيون حينها على طعام تكون من لحوم فاسدة سببت لهم أمراضا أثناء تواجدهم على الجبهة.

لحم فاسد
إلى ذلك، لم يكن الجيش الأميركي مستعدا لهذه الحرب التي اندلعت بشكل مفاجئ على مقربة من السواحل الأميركية، وعلى عجل، اتجه وزير الحرب الأميركي روسيل ألجر (Russell Alger) لإبرام عقد تموين، مقابل مبلغ مالي زهيد، مع عدد من المؤسسات المحلية لتزويد جنوده باللحم البقري. وبفترة غابت فيها المراقبة الغذائية، اتجهت هذه المؤسسات للاستفادة من العقد المبرم مع روسيل ألجر الذي عرف بتأييده للمواد المصنعة. وبسبب ذلك، عمدت هذه المؤسسات للتقليل من جودة منتجاتها التي كانت مغشوشة ومخالفة لمعايير الصحة، أملا في الحصول على مزيد من الأرباح.

على إثر ذلك، حصلت القوات الأميركية المتواجدة على الجبهة بكوبا على لحم بقري علّب وحفظ بشكل رديء. وبسبب تواجد كميات هائلة من المواد الحافظة به، مثّل هذا اللحم خطرا على صحة الجنود الذين تناولوه. أسفر هذا اللحم الفاسد عن إصابة عدد كبير من الجنود الأميركيين بمرض الزحار والتسمم الغذائي كما أدى بالفترة التالية لوفاة بعضهم ممن عانوا من آلام شديدة عند مستوى الجهاز الهضمي. ومن جهة ثانية، اضطر الجنود الأميركيون بتلك الفترة لمواجهة أمراض أخرى منتشرة بكوبا كالحمى الصفراء والملاريا. وبسبب تشابه أعراض هذين المرضين مع أعراض التسمم الغذائي، لم يتفطن الخبراء الأميركيون منذ البداية لحقيقة اللحم الفاسد.

فضيحة واستقالة
خلال شهر سبتمبر/أيلول 1898، تمكن أحد الجراحين الأميركيين من التأكد من حقيقة اللحم الفاسد، وبفضل خبرته بمجال التموين والتغذية منذ فترة الحرب الأهلية، أماط الجنرال الأميركي نيلسون ميلز (Nelson A. Miles) اللثام عن حقيقة جودة هذا اللحم المعلب، وأمام هذا الوضع، راسل ميلز وزير الحرب ألجر وطالبه بشراء لحوم محلية من الفلاحين الكوبيين لإطعام الجيش. وفي الأثناء، اتجه وزير الحرب ألجر لتجاهل مطالب الجنرال ميلز. وبدلا من ذلك، وفّر الوزير مزيدا من الأموال للشركات المحلية لمواصلة إنتاج اللحم المعلب الفاسد.بالفترة التالية، أثارت الصحف الأميركية الرأي العام حول قضية اللحم الفاسد الذي تسبب في مرض ووفاة العديد من الجنود على الجبهة، وبالتزامن مع ذلك، اتجهت لجنة بالجيش الأميركي للتحقيق في وقائع هذه الفضيحة التي هزت إدارة الرئيس وليام ماكينلي واتهمتها بالتقصير في حق الجنود الذين أرسلوا للدفاع عن مصالح الولايات المتحدة الأميركية. أسفرت التحقيقات عن اعتقال وفصل العديد من العسكريين المتورطين في قضية اللحم الفاسد، وللتخفيف من حدة الغضب الشعبي تجاه حكومته، أجبر الرئيس وليام ماكينلي وزير الحرب روسيل ألجر على الاستقالة مطلع أغسطس/آب 1899.