مسلسلات رمضان
هكذا منحت أميركا ميداليات لجنود أبادوا السكان الأصليين
30/12/2022

منذ عبور المستعمرين الإنجليز للمحيط الأطلسي وإنشائهم لمستعمرة جيمستاون (Jamestown)، بولاية فرجينيا الحالية، عام 1607، عاش شمال القارة الأميركية على وقع الحروب الأميركية الهندية التي مثلت نزاعا مسلحا بين المستوطنين الإنجليز وقبائل السكان الأصليين الذين قطنوا أراضي شمال القارة الأميركية منذ آلاف السنين. وقد سجلت هذه الحرب بدايتها عام 1622 بسبب رفض السكان الأصليين لتوسع البيض على أراضيهم لتستمر لقرون وتسفر عن سقوط عدد كبير من الضحايا. وأواخر القرن التاسع عشر، أسدل الستار عن واحد من آخر فصول الحروب الأميركية الهندية تزامنا مع إقدام الأميركيين على إبادة أكثر من 100 شخص من شعب سو (Sioux) بداكوتا الجنوبية (South Dakota).

هكذا منحت أميركا ميداليات لجنود أبادوا السكان الأصليين صورة رقم 1

رقصة الشبح
خلال السنوات التي سبقت المذبحة، تابع شعب سو عن كثب قيام الأميركيين بخرق العديد من الاتفاقيات السابقة المبرمة بين الطرفين. فبعد اكتشاف الذهب ببلاك هيلز (Black Hills) بداكوتا عام 1874، تهافت المستوطنون الأميركيون على المنطقة واستولوا على ملايين الهكتارات تزامنا مع قيامهم بإبادة أعداد هائلة من حيوان البيسون (Bison) الذي اعتاد السكان الأصليون على تناول لحمه.

هكذا منحت أميركا ميداليات لجنود أبادوا السكان الأصليين صورة رقم 2

وتزامنا مع خسارتهم لأراضيهم ومناطق الصيد المخصصة لهم التي اعتادوا العيش بها منذ أجيال، وجدت قبائل لاكوتا (Lakota)، المنتمية لشعب سو، نفسها محصورة بمحميات حكومية واضطرت على مدار السنوات التالية لتحمل ويلات الجفاف والأوبئة المختلفة التي انتشرت في صفوفهم كالجدري والإنفلونزا. من جهة ثانية، واجهت قبائل لاكوتا بنود قانون داوز (Dawes Act) لعام 1887 وقرار منع أفرادها من مغادرة المحميات تزامنا مع تحريم الأميركيين لتقاليد رقصة الشمس التي مثلت احتفالا دينيا لدى هذه الشعوب الأصلية. وأمام هذا الوضع، وجدت قبائل لاكوتا ضالتها في حركة دينية عرفت برقصة الشبح واجتاحت مناطق السهول الكبرى. وبموجب هذه الحركة الدينية، كان من المقرر أن يستعيد السكان الأصليون السيطرة على أراضيهم بفضل كارثة ستحل على العالم لتدمر الولايات المتحدة الأميركية وتطرد البيض من المنطقة قبل أن تعيد للسكان الأصليين أراضيهم وقطعان البيسون التي خسروها.

هكذا منحت أميركا ميداليات لجنود أبادوا السكان الأصليين صورة رقم 3

مذبحة وميداليات الشرف
تزامنا مع بداية التحركات الدينية بالمحميات بداكوتا، أعلنت السلطات الفيدرالية حالة التأهب تحسبا لاندلاع تمرد مسلح يقوده السكان الأصليون بالمحميات. وبالفترة التالية، أرسلت السلطات الأميركية عددا كبيرا من القوات نحو المحميات. ومرفوقا بفرقة الخيالة السابعة، حلّ الجنرال الأميركي نيلسون مايلز (Nelson Miles) على عين المكان واتجه لاعتقال عدد من قادة قبائل لاكوتا المتهمين بالترويج لرقصة الشبح. ويوم 15 ديسمبر 1890، حلت القوات الأميركية قرب منزل الثور الجالس (Sitting Bull)، المصنف كأحد أبرز قائد شعب سو، لاعتقاله. ومع سماعه بخبر وجود مذكرة اعتقال بحقه، فرّ سبوتك إلك (Spotted Elk)، أحد قادة قبائل لاكوتا، رفقة العديد من أتباعه من المنطقة متجها نحو محمية بين ريدج (Pine Ridge) على بعد 200 ميل بالقسم الغربي من داكوتا.

هكذا منحت أميركا ميداليات لجنود أبادوا السكان الأصليين صورة رقم 4

ما بين يومي 28 و29 ديسمبر 1890، تمكنت القوات الأميركية من اللحاق بسبوتد إلك وأتباعه. وتزامنا مع اعتقال سبوتد إلك، حاصر الجنود الأميركيون بقية أفراد المجموعة، المنتمية لقبائل لاكوتا، التي تكونت أساسا من الأطفال والنساء والشيوخ وباشروا بمصادرة أسلحتهم المتمثلة في الفؤوس وبعض البنادق. أثناء عملية مصادرة أسلحة أفراد قبائل لاكوتا قرب منطقة ووندد ني، المعروفة أيضا بالركبة الجريحة، (Wounded Knee)، انطلقت بشكل عفوي رصاصة من إحدى البنادق. ومع سماعهم لصوت إطلاق النار، وجه الجنود الأميركيون وابلا من الرصاص نحو أفراد قبائل لاكوتا المحاصرين. وأثناء المذبحة، لم يتردد الأميركيون في استهداف الأطفال والنساء كما لاحقوا وأعدموا في الآن ذاته العديد ممن حاولا الفرار من موقع المذبحة. أسفرت المذبحة عن مقتل حوالي 130 من أهالي قبائل لاكوتا، كان جلهم من النساء والأطفال، إضافة لنحو 30 جندي أميركي ممن قتلوا أساسا بنيران صديقة. بالأيام التالية، نقل الجنود الأميركيون جثث قتلى قبائل لاكوتا وسط أجواء احتفالية نحو إحدى الكنائس القريبة، كما عمدوا لتزيين مكان الجثث بزينة الكريسماس. وبعد بضعة أيام، تكفلت فرقة مختصة بدفن جثث الضحايا، المتجمدة بسبب البرد، بقبر جماعي. عقب مذبحة الركبة الجريحة، قدمت السلطات الأميركية ميدالية الشرف لعشرين عسكري، تابعين لفرقة الخيالة السابقة، ممن شاركوا بالمذبحة.