خلال السنوات التي تلت حرب الاستقلال، شهدت الولايات المتحدة الأميركية العديد من نزالات المسدسات التي لجأت إليها شخصيات نافذة بالمجتمع الأميركي لتصفية حسابات شخصية فيما بينها. ومن ضمن أشهر هذه النزالات، يذكر التاريخ النزال الذي وضع السياسيين، والمصنفين ضمن الآباء المؤسسين للولايات المتحدة الأميركية، ألكسندر هاميلتون (Alexander Hamilton) وآرون بور (Aaron Burr) عام 1804 حيث انتهى النزال بجريمة قتل هزت الولايات المتحدة الأميركية.

حرب سياسية
إلى ذلك، حلّ ألكسندر هاميلتون بالمستعمرات الثلاث عشرة قادما من جزيرة نيفيس (Nevis)، بالكاريبي، كمهاجر فقير عام 1773. ومع اندلاع حرب الاستقلال الأميركية، التحق الأخير عام 1776 بالجيش القاري وكسب ثقة جورج واشنطن الذي صنّفه كواحد من أفضل العسكريين جاعلا منه مساعدا شخصيا له. وبالسنوات التالية، شارك هاميلتون بالمجلس الدستوري وساهم في إقرار مبدأ الحكومة المركزية. وعام 1789، عيّن ألكسندر هاميلتون وزيرا للمالية وساهم بالسنوات الست التالية في إرساء نظام مالي أنقذ البلاد، حديثة النشأة، من الانهيار. لاحقا، صنّف هاميلتون كواحد من أبرز الوجوه السياسية بالحزب الفيدرالي.

من جهة ثانية، ولد آرون بور عام 1754 لعائلة مرموقة بنيو جيرسي (New Jersey). وقد حصل الأخير على تعليم جيد قبل أن يلتحق بالجيش القاري ويشارك بالهجوم على كيباك (Quebec). ومع نهاية حرب الاستقلال، تقلد الأخير مناصب سياسية هامة بنيويورك قبل أن يلتحق بمجلس الشيوخ عام 1790. إلى ذلك، حمل هاميلتون كرها شديدا تجاه بور. وخلال الانتخابات الرئاسية لعام 1796، روّج هاميلتون لأفكار ضد بور وتوماس جيفرسون اللذين ترشحا سويا، عن الحزب الديمقراطي الجمهوري، للظفر بمنصبي الرئيس ونائب الرئيس. وفي الأثناء، أسفرت انتخابات 1796 عن خسارة بور وجيفرسون وانتصار المرشح الفيدرالي جون أدامس (John Adams).

بحلول العام 1800، روّج هاميلتون مجددا لأفكار معادية لهاميلتون كاشفا عددا من فضائحه السياسية. وبسبب ذلك، خسر بور السباق الرئاسي لصالج جيفرسون وحصل، حسب نظام التصويت الذي ظهر عقب حرب الاستقلال الأميركية، على منصب نائب الرئيس. عام 1804، رفض جيفرسون فكرة إعادة ترشيح بور من قبل الحزب الديمقراطي الجمهوري. وأمام هذا الوضع، حاول الفيدراليون استقطاب بور لحزبهم عن طريق ترشيحه لمنصب حاكم نيويورك. ومرة أخرى، ظهر هاميلتون على الساحة السياسية ليقوم بحملة دعائية أسفرت عن تشويه سمعة بور وخسارته لهذا المنصب.

قضية شرف وحادثة قتل
بالفترة التالية، استدعى بور خصمه هاميلتون لنزال مسدسات لتسوية خلافها بشكل نهائي معتبرا الأمر قضية شرف. وفي الأثناء، مثلت قضية نزالات المسدسات أمرا أرق السلطات الأميركية التي تشاءمت من عمليات القتل بداعي الشرف ضمن هذا النوع من النزالات. بموقع ويهاوكن (Weehawken) بنيو جيرسي يوم 11 تموز/يوليو 1804، التقى الخصمان وجها لوجه. وفي البداية، أطلق هاميلتون رصاصة أخطأت هدفها. وبعدها بلحظات، وجّه بور رصاصة قاتلة لخصمه استقرت عند مستوى بطنه وأصابته بنزيف حاد. على الفور، نقل ألكسندر هاميلتون المصاب نحو نيويورك أين فارق الحياة باليوم التالي. مع نهاية النزال، عاد بور على جناح السرعة نحو واشنطن ليواصل مهامه كنائب للرئيس وينجو من العقاب بفضل الحصانة التي تمتع بها. عقب نهاية فترة توليه لمنصب نائب الرئيس، اتهم بور بالخيانة بسبب قضية مؤامرة لويزيانا. وأمام هذا الوضع، فر الأخير نحو أوروبا قبل أن يعود مجددا بعد سنوات طويلة للولايات المتحدة الأميركية أين فارق الحياة عام 1836.