بسبب خرق معاهدة فرساي والمعاهدات البحرية الموقعة في لندن، اتجهت ألمانيا خلال الثلاثينيات، تزامنا مع صعود النازيين وحصول أدولف هتلر على السلطة المطلقة، لتسليح نفسها بحريا عن طريق صناعة الغواصات والسفن الحربية استعدادا لخوض غمار الحرب العالمية الثانية. وإضافة للبارجة الشهيرة بسمارك (Bismarck) التي أزعجت البريطانيين بالأطلسي، بنى الألمان بالثلاثينيات البارجة شارنهورست (Scharnhorst) التي عرفت نهاية تراجيدية مع فترة أعياد الميلاد عام 1943. كما باشروا ببناء البارجة شارنهورست منتصف الثلاثينيات.

وقد انتهت أشغال بنائها بشكل رسمي عام 1939 لتدخل على إثر ذلك الخدمة بالقوات البحرية الألمانية تزامنا مع اندلاع الحرب العالمية الثانية. وعلى حسب التصاميم، بلغ طول هذه البارجة الحربية 234.9 متر. فضلا عن ذلك، قدّر وزنها بأكثر من 32 ألف طن، وتنقلت بسرعة قصوى استقرت في حدود 57 كلم بالساعة. وزودت شارنهورست بتسعة مدافع عيار 280 ملم و12 مدفعا عيار 150 ملم و14 مدفعا عيار 105 ملم، كما جهّزت أيضا بست قاذفات طربيدات عيار 533 ملم. أثناء خدمتها العسكرية، هاجمت البارجة شارنهورست سفن الإمدادات البريطانية بالأطلسي ودمرت عام 1939 السفينة روالبندي (Rawalpindi) التي مثلت إحدى أهم سفن بريطانيا. بالعام التالي، شاركت هذه البارجة الألمانية في عملية غزو أراضي النرويج والدنمارك. وبعد جملة من المعارك ضد البوارج والمدمرات البريطانية عام 1942، انتقلت البارجة شارنهورست نحو البلطيق لمساعدة بقية سفن البحرية الألمانية بمهمة عزل الاتحاد السوفيتي ومنع الإمدادات الأميركية نحوه.

أكثر من 1900 قتيل
يوم 22 كانون الأول/ديسمبر 1943، انطلقت البارجة شارنهورست رفقة بعض المدمرات الألمانية لاعتراض أسطول سفن دعم بريطانية غادرت الموانئ السوفيتية. وبشكل عفوي، انفصلت شارنهورست صبيحة يوم 26 كانون الأول/ديسمبر 1943 عن بقية السفن الألمانية لتجد نفسها فيما بعد وجها لوجه مع الأسطول البريطاني الذي ضم في صفوفه عددا من المدمرات التي جاءت لحماية سفن الشحن والإمداد. وأمام تخلفهم العددي، قرر طاقم شارنهورست الانسحاب ومغادرة المكان بشكل سريع. وأملا في حماية سفن الشحن والإمداد، أمر الأميرال البريطاني بروس فرازر (Bruce Fraser) المدمرات البريطانية، التي تواجدت في عين المكان، بمطاردة البارجة شارنهورست وتدميرها.

إلى ذلك، شهد يوم 26 كانون الأول/ديسمبر 1943 أربع مواجهات مباشرة بين شارنهورست والمدمرات البريطانية التي طاردتها. وخلال المواجهة الثالثة التي جرت أطوارها في حدود الخامسة مساء، تعرضت البارجة الألمانية لأضرار جسيمة خسرت على إثرها عددا من مدافعها تزامنا مع تراجع سرعتها بشكل واضح عقب إصابة قسم المحركات بها. أمام هذا الوضع، اتصل الأميرال الألماني إريش باي (Erich Bey) بأدولف هتلر واعدا إياه بمواصلة القتال حتى آخر قذيفة. وفي حدود الساعة السابعة وخمس وأربعين دقيقة، حوصرت البارجة الألمانية شارنهورست، عقب تعطل محركاتها، من قبل المدمرات البريطانية التي وجهت نحوها وابلا من الطربيدات. يذكر أنه وعلى إثر هذا الهجوم، غاصت شارنهورست نحو قاع المحيط ساحبة معها عددا كبرا من البحارة الألمان. فمن ضمن 1968 بحارا ألمانيا كانوا على متنها، لم يتمكن سوى 36 فقط من النجاة.