مسلسلات رمضان
خلال هذا العام.. امتلأ أشهر نهر بفرنسا بآلاف الجثث
19/11/2022

ما بين عامي 1789 و1799، عاشت فرنسا على وقع أحداث الثورة التي أطاحت بحكم الملك لويس السادس عشر وأسفرت عن إعلان قيام الجمهورية الأولى. وفي خضم الثورة، اضطرت الجمهورية الأولى لخوض غمار حروب ضد القوى الأوروبية التي تخوفت من إمكانية انتقال الثورة إليها. وبالتزامن مع ذلك، شهدت فرنسا بداية حرب أهلية غرب البلاد حيث تمردت بعض المناطق، وعلى رأسها منطقة فوندييه (Vendée)، ضد سلطة باريس وقرارات لجنة السلامة العامة التي قادها ماكسيمليان روبسبيار (Maximilien Robespierre) ورفاقه.

خلال هذا العام.. امتلأ أشهر نهر بفرنسا بآلاف الجثث صورة رقم 1

آلاف الأسرى بنانت
أثناء فترة عهد الإرهاب التي مثلت جزءا من مراحل الثورة الفرنسية، واجهت الجمهورية الأولى خلال خريف عام 1793 تمردا، تزعمه بشكل كبير الفلاحون، بغرب البلاد ضد سلطة باريس ولجنة السلامة العامة. إلى ذلك، تميّز هؤلاء المتمردون بتأييدهم للملكية ورفضهم القاطع لما جاءت به الثورة الفرنسية. وبسبب حالة الحرب التي عاشت على وقعها البلاد بالشمال، أرسل ماكسيمليان روبسبيار السياسي والنائب عن إقليم كانتال (Cantal) جان باتيست كارييه (Jean-Baptiste Carrier)، رفقة مئات الآلاف من الجنود، لقمع التمرد وإنهاء حالة الفوضى بالمناطق الغربية.

خلال هذا العام.. امتلأ أشهر نهر بفرنسا بآلاف الجثث صورة رقم 2

يوم 16 تشرين الأول/أكتوبر 1793، حلّ جان باتيست كارييه بإقليم اللوار الأطلسية (Loire-Atlantique) لتطبيق سياسة عهد الإرهاب التي أرستها لجنة السلامة العامة والمحكمة الثورية. وتزامنا مع تقدم قوات الجمهورية الأولى على الملكيين بالمنطقة، توافد الآلاف من الأسرى القادمين من أقاليم بروتاني (Bretagne) وفوندييه على مدينة نانت (Nantes) باللوار الأطلسية. وقد تواجد من ضمن الأسرى عدد رجال ونساء وأطفال وأناس طاعنون بالسن اتهم أغلبهم بمعاداة الثورة وتأييد الملكية دون وجود أدلة كافية لإدانتهم. وتزامنا مع امتلاء سجون نانت بالأسرى، اتجه السياسي جان باتيست كارييه لتحويل الكنائس ومخزن القهوة بالمدينة لمعتقلات زج داخلها بآلاف المعتقلين.

خلال هذا العام.. امتلأ أشهر نهر بفرنسا بآلاف الجثث صورة رقم 3

آلاف الموتى بنهر اللوار
مع مرور الأيام، واجه كارييه أزمة اكتظاظ بالسجون والمعتقلات. وأمام هذا الوضع، تخوف الأخير من إمكانية تفشي أمراض كالتيفوس أو قيام المعتقلين، الذين تجاوز عددهم 10 آلاف معتقل، بالتمرد. وكحل للأزمة، راسل هذا السياسي الفرنسي لجنة السلامة العامة بباريس ليؤكد لهم على نيته في التخلص من الأسرى عن طريق إعدامهم دون محاكمة. بادئ الأمر، استخدم كارييه المقصلة والرمي بالرصاص. وبسبب بطء عمليات الإعدام، لجأ الأخير لطريقة أخرى سادية فضّل من خلالها قتل المعتقلين عن طريق إغراقهم بنهر اللوار. ولتنفيذ هذه الخطة، صمم جنود الجمهورية الأولى بمدينة نانت قوارب خشبية أحدثوا بها ثقوبا صغيرة لتسهيل غرقها. وبالتزامن مع ذلك، يوضع العشرات من الأسرى، المتهمين بتأييد الملكية، عراة داخل هذه القوارب بعد أن يتم تقييد أيديهم وأرجلهم بإحكام. لاحقا، يقوم زورق عسكري تابع لقوات الجمهورية الأولى بجر هذا القارب المليء بالأسرى نحو عرض نهر اللوار قبل أن يتكفل الجنود بإستهدافه بالرصاص لإحداث مزيد من الثقوب به وتسريع عملية غرقه نحو القاع.

خلال هذا العام.. امتلأ أشهر نهر بفرنسا بآلاف الجثث صورة رقم 4

مع عودته لباريس، نجا كارييه من العقاب لأشهر. ومع انهيار لجنة السلامة العامة وإعدام روبسبيار، أثارت التقارير التي تحدثت عن مقتل حوالي 5 آلاف فرنسي غرقا بنهر اللوار حالة من الغضب بين الباريسيين. ويوم 3 أيلول/سبتمبر 1794، اعتقل كارييه بأمر من المؤتمر الوطني ليمثل أمام المحكمة. أثناء محاكمته، نفى كارييه علمه بما حصل بنانت وتحدث عن انشغاله بتأمين المؤونة لقوات الجمهورية الأولى. ومع شهادة العديد من جنوده ضده، أدين الأخير ليصدر في حقه حكم بالإعدام بالمقصلة تم تنفيذه يوم 16 كانون الأول/ديسمبر 1794.