يوم 28 حزيران/يونيو 1914، تناقلت وسائل الإعلام العالمية خبر حادثة اغتيال ولي عهد النمسا فرانز فرديناند وزوجته صوفي بالعاصمة البوسنية سراييفو على يد أحد متعصبي صرب البوسنة المنتمين لمنظمة البوسنة الشابة. وبعد مضي شهر واحد، لم تتردد النمسا في التدخل عسكريا ضد صربيا متسببة بذلك في تفعيل سياسة التحالفات التي انتهت بقيام الحرب العالمية الأولى. وقد استمرت هذه الحرب حوالي 4 سنوات وأسفرت عن سقوط ما لا يقل عن 20 مليون ضحية بين قتيل وجريح.
دعوات لدخول الحرب وسياسة الحياد
ومع اندلاع النزاع العالمي، ألقى الوزير الأول الإسباني إدواردو داتو (Eduardo Dato) كلمة يوم 7 آب/أغسطس 1914 أعلن من خلالها، اعتمادا على مرسوم ملكي، حفاظ إسبانيا على حيادها ورفضها المشاركة بالحرب. وفي الأثناء، رحب البرلمان الإسباني بقرار إدواردو داتو وصفقوا له تحت قبة البرلمان. إلى ذلك، ضغطت الكنيسة الكاثوليكية والجيش الإسباني طيلة السنوات الفارطة على الحكومات الإسبانية بهدف إبرام اتفاقية تحالف مع ألمانيا والنمسا. فضلا عن ذلك، أيد العديد من الإسبان هذه الفكرة وتحدثوا عن إمكانية استعادة جبل طارق في حال نشوب نزاع عالمي ودخولهم الحرب ضد بريطانيا. من جهة أخرى، طالب عدد من السياسيين الإسبان بضرورة دخول بلادهم في تحالف مع بريطانيا وفرنسا. وقد برر هؤلاء موقفهم بناء على اتفاقية سابقة أبرمت بين هذه الدول الثلاث عام 1907 حول حقوق الملاحة بالبحر الأبيض المتوسط والمحيط الأطلسي. أيضا، أكد مؤيدو هذا الحلف على إمكانية نجاح بلادهم في انتزاع جانب من المستعمرات الألمانية بأفريقيا والمحيط الهادئ في حال هزيمة ألمانيا.
تأخر عسكري ومجاعة
ومن الجانب العسكري، لم يمتلك الجيش الإسباني المؤهلات الكافية لدخول الحرب العالمية الأولى. فأثناء حملته على المغرب، خسر الجيش الإسباني عدداً كبيراً من جنوده، مثيرا بذلك قلق السياسيين بمدريد الذين شككوا مرارا في مدى قدرة قواتهم على احتلال المغرب. أيضا، عانى الجيش الإسباني من حالة تخبط طيلة سنوات بسبب حرب 1898 ضد الولايات المتحدة الأميركية والتي خسر بسببها كوبا والفلبين.
من جهة ثانية، اعتمد الجيش الإسباني على بنادق ماوزر عيار 7 ملم، نموذج عام 1893، كبندقية قتال أساسية كما امتلك أيضا عددا ضئيلا من الرشاشات وبعض المدافع ألمانية الصنع. وإضافة لسلاح الجو الإسباني الذي تأسس عام 1913 وافتقر للعدد الكافي من الطائرات، امتلكت البحرية الّإسبانية عددا قليلا من السفن الحربية المؤهلة لخوض غمار الحرب العالمية الأولى. وبسبب هذه العوامل، عانت إسبانيا من تأخر كبير بقدراتها العسكرية مقارنة ببقية الأطراف المشاركة بالحرب العالمية الأولى. وأمام هذا الوضع، تحدث الوزير الأول الإسباني إدواردو داتو عن حرب خاسرة في حال التحاق بلاده بالنزاع العالمي. وعلى الرغم من عدم مشاركتها بالحرب العالمية الأولى، عانت إسبانيا من أزمة اقتصادية خانقة بسبب تعطل حركة التجارة بالمحيط الأطلسي. فضلا عن ذلك، سجلت معدلات الفقر ارتفاعا كبيرا بالبلاد وهو ما أدى لزيادة حدة الهجرة الداخلية. وبداية من العام 1915، شهدت المدن الإسبانية احتجاجات بسبب قلة الغذاء وتفشي المجاعة. وأمام هذا الوضع، اتجهت حكومة الوزير الأول إدواردو داتو للاستقالة.
نننن