أثناء فترة حكمه كقيصر لروسيا ما بين عامي 1547 و1584، عانى إيفان الرابع، المعروف بإيفان الرهيب، من جنون العظمة واضطرابات نفسية أثرت على طريقة إدارته لشؤون البلاد. فتدريجيا، لاحظ المحيطون به عنفه الشديد في حل أزمات البلاد حيث لم يتردد الأخير في ملاحقة واضطهاد طبقة البويار (boyar) وعمد خلال إحدى ثورات غضبه لقتل ابنه إيفان إيفانوفيتش (Ivan Ivanovich) ضربا بالصولجان عام 1581.

أواخر ستينيات القرن السادس عشر، اتجه إيفان الرهيب لملاحقة كل من شك في تآمره ضده. وبسبب حروبه مع السويد وليتوانيا وبولندا، أصيب القيصر الروسي بجنون العظمة وآمن بوجود العديد من المؤامرات التي تحاك في الخفاء ضده لخلعه من الحكم وقتله. وبسبب ذلك، أنشأ إيفان الرهيب فيلق قوات أوبريشنيك (Oprichnik)، المتكون من آلاف العناصر، الذي وضعه تحت إمرته ومنح أفراده صلاحيات ملاحقة أعدائه السياسيين والمتآمرين المحتملين. وبالفترة التالية، تكفّل فيلق أوبريشنيك بملاحقة البويار ومصادرة أملاكهم قبل أن توكل له مهمة التوجه نحو مدينة نوفغورود (Novgorod). فبعد أن تمتعت بالسنوات الفارطة باستقلالية تامة، تحولت نوفغورود لجزء من إمبراطورية إيفان الرهيب. وفي الأثناء، تخوف القيصر الروسي من هذه المدينة ونخبتها وتحدّث مرارا عن حنين سكانها لفترة الاستقلال السابقة. من ناحية أخرى، شكك إيفان الرهيب في إمكانية تعاون مدينة نوفغورود مع ملك بولندا الذي تربّع على عرش دولة قوية عاشت بالسابق على وقع حروب عديدة ضد الروس وهيمنت على قسم كبير من شرقي أوروبا.

60 ألف ضحية
خلال شتاء العام 1570، تقدّم إيفان الرهيب رفقة قواته، التي تكونت أساسا من جنود انتموا لفيلق أوبرشنيك، نحو نوفغورود ليضرب عليها حصارا خانقا قاطعا عنها جميع الطرق التي ربطتها بالمدن المجاورة. وبسبب الوضع الاقتصادي المزري والمجاعات المتتالية التي عاشت على وقعها، عجزت نوفغورود عن الصمود أمام قوات القيصر الروسي. إلى ذلك، أمر إيفان الرهيب جنوده بدخول نوفغورود، التي لم تبد أية مقاومة تذكر، لمعاقبتها والتنكيل بسكانها. وبتصريحاته للقوات التي رافقته، اتهم القيصر الروسي سكان نوفغورود بخيانته وارتكاب جرائم بحق البلاد.

على مدار شهر كامل، أقدم جنود إيفان الرهيب على التنكيل بسكان نوفغورود حيث تعرض الرجال للتعذيب والقتل تزامنا مع نهب ممتلكاتهم. فضلا عن ذلك، تعرضت النساء للاغتصاب على يد هذه القوات التي نفذت أوامر إيفان الرهيب حرفيا. من ناحية أخرى، هدمت قوات أوبرشنيك الكنائس وأعدمت الرهبان كما لجأت لقتل التجار ومصادرة بضاعتهم وألقت بالعديد من النساء والأطفال بالنهر المتجمد. أيضا، أمر إيفان الرهيب بتهجير نسبة هامة من السكان نحو الغابات المجاورة، وهنالك، لقي هؤلاء المهجرون حتفهم بسبب الجوع والبرد. حتى يومنا هذا، لم يتمكن المؤرخون من تحديد العدد الحقيقي للقتلى بنوفغورود. فبينما تحدّث البعض عن حوالي 10 آلاف قتيل، ذهب البعض لأبعد من ذلك مؤكدين أن العدد الحقيقي للضحايا يتجاوز الستين ألفا.