مسلسلات رمضان
بخريطة سياحية ومجلة.. أميركا غزت هذه الدولة
22/09/2022

خلال العام 1983، تناقلت وسائل الإعلام العالمية خبر بداية التدخل العسكري بدولة غرينادا (Grenada) التي مثلت جزيرة من جزر بحر الكاريبي. فيما خطط المسؤولون الأميركيون لهذا الغزو العسكري بشكل سريع عقب استيلاء الشيوعيين على السلطة بهذا البلد. على الرغم من النجاح العسكري للعملية والجدل الذي أثارته على الصعيد العالمي، ساهمت عملية غزو غرينادا في بروز عدد من المشاكل الإستراتيجية والتكتيكية لدى البنتاغون، الذي اتجه لمعالجتها لتجنب تكرارها مستقبلا.

بخريطة سياحية ومجلة.. أميركا غزت هذه الدولة صورة رقم 1

الوضع بغرينادا
مع استقلال غرينادا عن بريطانيا خلال شهر شباط/فبراير 1974، تولى السياسي إريك غايري (Eric Gairy) قيادة البلاد عقب حصوله على منصب رئيس الوزراء. وأثناء فترة حكمه، لم يتردد الأخير في الاعتماد على العنف لقمع معارضيه وفرض سلطته بغرينادا. وخلال السنوات التالية، تسببت سياسة إريك غايري في حالة من الفوضى وانعدام الأمن بالبلاد. وقد أدى ذلك لظهور حالة من عدم الاستقرار الاجتماعي استغلها منافسه الشيوعي موريس بيشوب (Maurice Bishop) للإطاحة به وإرساء نظام شيوعي بالبلاد. ومع تولي موريس بيشوب قيادة غرينادا، توطدت العلاقات الدبلوماسية بشكل كبير بين غرينادا وكوبا التي كانت قابعة تحت حكم فيدل كاسترو.

بخريطة سياحية ومجلة.. أميركا غزت هذه الدولة صورة رقم 2

وبمساعدة كوبا، باشر بيشوب، بعد مضي فترة وجيزة على استيلائه على الحكم، ببناء مطار بوينت سالينس (Point Salines) بجنوب البلاد. وبتصريحاته، تحدث بيشوب عن ضرورة هذا المطار لتطوير السياحة بالبلاد. وفي الأثناء، كانت للإدارة الأميركية وجهة نظر أخرى حيث تخوف الأميركيون من إمكانية استغلال هذا المطار لنقل معدات عسكرية سوفيتية نحو غرينادا وتحدثوا عن حتمية تحولها لكوبا أخرى على مقربة من الأراضي الأميركية. وفي غضون ذلك، شهدت غرينادا تحولا سياسيا جديدا حيث أقدم برنارد كووارد (Bernard Coard) على اغتيال رفيقه بيشوب ليستفرد بالحكم بعد أن اتهم الأخير بالحياد عن النظريات الشيوعية. وبسبب ذلك، غاصت غرينادا بدوامة من العنف قادها أنصار بيشوب.

بخريطة سياحية ومجلة.. أميركا غزت هذه الدولة صورة رقم 3

خطة عسكرية سريعة
وإضافة لقلقه من النظام الشيوعي بالبلاد، تخوف الرئيس الأميركي رونالد ريغن (Ronald Reagan) من إمكانية تكرار أزمة الرهائن الإيرانية بغرينادا. فخلال تلك الفترة، تواجد حوالي 650 طالبا أميركيا بهذه الجزيرة. وحسب المصادر الأميركية حينها، قدّر إجمالي المواطنين الأميركيين بغرينادا حينها بحوالي ألف مواطن. وأمام هذا الوضع، طالب الرئيس الأميركي البنتاغون بإعداد خطة الغضب العاجل (Urgent Fury) للتدخل بغرينادا.مع بداية إعدادهم للخطة، اعتقد المسؤولون بالبنتاغون أن الهدف من الخطة هو التدخل بلبنان، في خضم الحرب الأهلية، عقب هجوم بيروت الذي تسبب في مقتل 241 عسكريا أميركيا. وبعد أيام، تفاجأ الجميع عند سماعهم أن الهدف من خطة الغضب العاجل هو غزو غرينادا التي افتقروا للمعلومات الكافية عنها. وللحصول على هذه المعلومات، أرسلت الإدارة الأميركية مسؤولا عسكريا للقيام برحلة سياحية لغرينادا. ومع عودته، جلب هذا المسؤول معه خرائط سياحية عن البلاد استخدمت لتحديد مواقع إنزال القوات الأميركية وتحديد الأهداف التي استوجبت السيطرة عليها لإنجاح التدخل العسكري. أيضا، اضطر الأميركيون لشراء عدد من مجلات ذو إيكونوميست (The Economist) لجمع مزيد من المعلومات عن الوضع السياسي والاقتصادي بغرينادا.

بخريطة سياحية ومجلة.. أميركا غزت هذه الدولة صورة رقم 4

يوم 25 تشرين الأول/أكتوبر 1983، انطلقت عملية غزو غرينادا التي استمرت بضعة أيام وانتهت بانتصار الأميركيين على قوات هذا البلد، قليلة العدد، الذي لم يحصل على دعم سوفيتي جيد. فعلى حسب مصادر تلك الفترة تواجد بغرينادا حينها، عدد قليل من الخبراء العسكريين السوفيت والألمان الشرقيين والليبيين. وبسبب الاستعداد الرديء والسريع لهذه العملية العسكرية، مرر الأميركيون قانون غولدواتر نيقولس (Goldwater-Nichols) لإعادة تهيئة الجيش وزيادة نسبة جاهزيته لعمليات عسكرية مشابهة.