مسلسلات رمضان
بعد غمس المناديل في الدم.. آخر عملية إعدام علنية في فرنسا
11/09/2022

عقب ابتكارها زمن الثورة الفرنسية التي استمرت ما بين عامي 1789 و1799، تحولت المقصلة لأداة الإعدام الرئيسية بفرنسا. ومن خلال تقاليد قديمة تعود للقرون المنقضية، جرت عمليات الإعدام بشكل علني، حيث توافدت الجماهير الغفيرة لمتابعة عملية قطع رأس المحكوم بالإعدام. وعقب تنفيذ الحكم، لم يتردد الفرنسيون، غالبا في التصفيق والصراخ بشكل هستيري ابتهاجا بمظهر الدم خاصة عند رفع الجلاد لرأس الضحية.

إلى ذلك، ظلت هذه التقاليد القديمة معتمدة بفرنسا لحدود ثلاثينيات القرن الماضي، حيث أمرت السلطات الفرنسية بإلغائها عقب إعدام يوجين وايدمان (Eugen Weidmann) الذي صنف كآخر فرنسي يعدم بشكل علني.

بعد غمس المناديل في الدم.. آخر عملية إعدام علنية في فرنسا صورة رقم 1
يوجين وايدمان عقب اعتقاله من قبل الشرطة الفرنسية

6 ضحايا

أثناء مسيرته كخارج عن القانون، أقدم يوجين وايدمان على قتل 6 أشخاص. فبمساعدة عدد من أصدقائه، استدرج وايدمان ضحاياه لأماكن نائية قبل أن يوجه لهم رصاصات قاتلة على مستوى الرأس والعنق بغية الاستيلاء على أموالهم. ومع إتمامه لفعلته، لم يتردد وايدمان في إخفاء ودفن الجثث أملا في طمس آثار الجريمة.

تواصلت المسيرة الإجرامية ليوجين وايدمان ما بين شهري تموز/يوليو وتشرين الثاني/نوفمبر من العام 1937 قبل أن يتلقى خلال أحد الأيام زيارة من قبل مفتشين ومحققين تابعين لإدارة الشرطة الفرنسية.

بعد غمس المناديل في الدم.. آخر عملية إعدام علنية في فرنسا صورة رقم 2
يوجين وايدمان قبيل إعدامه

بمنزله، حاول الاعتداء على رجال الأمن الذين تمكنوا من تثبيته وانتزاع المسدس منه. وأثناء فترة التحقيق، تعاون يوجين وايدمان مع المحققين وأخبرهم على أطوار جرائمه مساهما بذلك في الإطاحة ببقية رفاقه بالعصابة.

وفي فرساي خلال شهر آذار/مارس 1939، افتتحت محاكمة يوجين وايدمان ورفاقه.

هذه المحاكمة جذبت اهتمام الفرنسيين الذين تابعوها بشغف. ومن ضمن الحاضرين بقاعة المحكمة، تواجدت المؤلفة الفرنسية كوليت (Colette) التي انتدبتها صحيفة باريس سوار (Paris-soir) لتحرير مقال عن قصة وايدمان.

بعد غمس المناديل في الدم.. آخر عملية إعدام علنية في فرنسا صورة رقم 3
وايدمان أثناء اقتياده نحو المقصلة

آخر إعدام علني

عقب اطلاعها على مجريات وأطوار الجرائم، أصدرت المحكمة حكما بالإعدام على يوجين وايدمان. ويوم 17 حزيران/يونيو 1939، اتجهت السلطات الفرنسية لتنفيذ الحكم اعتمادا على المقصلة أمام الجماهير.

بعد غمس المناديل في الدم.. آخر عملية إعدام علنية في فرنسا صورة رقم 4
صورة لوايدمان عند وضعه على المقصلة استعدادا لإعدامه

وخلال ذلك اليوم، خرج وايدمان أمام سجن سانت بيار بفرساي ليشاهد المقصلة والجماهير الغفيرة التي حلت لمتابعة عملية إعدامه. وبسبب الضوضاء التي أحدثها الحاضرون، تأخر تنفيذ الحكم بضع ساعات قبل أن تهوي شفرة المقصلة في النهاية على عنق المتهم.

وفي لقطة غريبة تناقلت أطوارها الصحف الفرنسية، تهافت الفرنسيون، بشكل فوضوي، حال تنفيذ الحكم على موقع الإعدام ليقوموا بغمس مناديلهم بدم وايدمان كتذكار عن الحادثة.

بعد غمس المناديل في الدم.. آخر عملية إعدام علنية في فرنسا صورة رقم 5
صورة للرئيس الفرنسي ألبرت لوبران

أثار تصرف الجماهير، الذي شجبه وندد به الإعلام الفرنسي، غضب المسؤولين السياسيين الفرنسيين الذين تحدثوا عن غريزة حيوانية دموية لدى البشر. وكرد على ذلك، أمر الرئيس الفرنسي ألبرت لوبران (Albert Lebrun) بمنع عمليات الإعدام العلنية بفرنسا نهائيا ليكون بذلك وايدمان آخر شخص ينفذ فيه حكم الإعدام أمام الجماهير بفرنسا.