خلال القرن الماضي، تابع العالم في خضم الحرب الباردة، التي اندلعت مع نهاية الحرب العالمية الثانية، عن كثب وقائع سباق الفضاء بين الاتحاد السوفيتي والولايات المتحدة الأميركية. وبفضل التجارب المحفوفة بالمخاطر، حقق البشر حلم بلوغ الفضاء والنزول على سطح القمر الذي راودهم منذ قرون.

وقبل إرسال البشر للفضاء، اتجهت كل من الولايات المتحدة والاتحاد السوفيتي لإجراء تجارب اقتصرت في الغالب على إرسال حيوانات وحشرات ونباتات للتأكد من مدى قدرة الإنسان على العيش بالفضاء. ومن ضمن هذه التجارب، يذكر التاريخ تجربة كورابل سبوتنيك 4 (Korabl-Sputnik 4) الفريدة من نوعها والتي تمكن خلالها الأميركيون من الحصول على آخر التقنيات السوفيتية.

دمية إيفان إيفانوفيتش
إلى ذلك، صممت المركبة الفضائية كوربال سبوتنيك 4، المعروفة لدى الغرب بسبوتنيك 4 (Spoutnik IV)، لتكون ضمن التجارب الأولى التي حاول من خلالها السوفيت إجراء دراسات، استعداداً لإرسال الرائد يوري جاجارين (Yuri Gagarin) للفضاء. وبهذه الرحلة التي انطلقت من ميناء بايكونور (Baikonur) الفضائي بكازاخستان، وضع السوفيت داخل المركبة الفضائية الدمية البشرية إيفان إيفانوفيتش (Ivan Ivanovich) رفقة عدد من الكائنات الحية كالكلبة شيرنوشكا (Chernushka) وعدد من الفئران وخنزير غيني. ولإظهار جانب من الحياة على الرائد الدمية إيفان إيفانوفيتش، عمد السوفيت لتزويده بعينين وفم ورموش وحواجب ووضع داخل سترة فضاء. وبسبب ذلك، ظهر الأخير كرجل ميت داخل سترته. وأمام هذا الوضع، فضّل الخبراء السوفيت حينها كتابة كلمة دمية على خوذته، لتوضيح طبيعته للأشخاص الذين سيعثرون عليه حال نهاية مهمته الفضائية.

سقوط بولاية ويسكونسن
إلى ذلك أقلعت المركبة الفضائية كورابل سبوتنيك 4، المقدر وزنها بحوالي 5 أطنان، اعتماداً على الصاروخ الحامل فوستوك كا (Vostok-K)، نحو الفضاء صباح يوم 15 مايو 1960 لتستقر بنجاح بالمدار الأرضي المنخفض. وبعد فترة وجيزة، حاد كورابل سبوتنيك 4 عن مساره ليعود بأول ممر له فوق أراضي الاتحاد السوفيتي. وهنالك، أجرى السوفيت اختباراً على المقعد القذفي، حيث قذف الدمية إيفان إيفانوفيتش من مقعده لينزل بسلام على الأراضي السوفيتية وينتشل، رفقة الكلبة شيرنوشكا، من قبل الخبراء السوفيت.

غير أنه بعد مضي أشهر عن هذه المهمة الفضائية، وقعت يوم 5 سبتمبر 1962 قطعة حديدية، بلغ وزنها حوالي 10 كلغ، تابعة للمركبة كورابل سبوتنيك 4 بأحد شوارع مدينة مانيتووك (Manitowoc) في ولاية ويسكونسن (Wisconsin) الأميركية دون أن توقع إصابات. وعلى الفور، اتجه الأميركيون لسحب هذه القطع الحديدية قبل نقلها لمركز هارفارد - سميثونيان للفيزياء الفلكية لتحليلها. ولاحقا، حاول الاتحاد السوفيتي استعادة هذه القطع الحديدية من الولايات المتحدة التي رفضت ذلك واتجهت في المقابل للاحتفاظ بها.