منذ فترة إصلاح ميجي (Meiji) بالقرن التاسع عشر، شهدت اليابان العديد من عمليات الاغتيال التي طالت شخصيات سياسية بارزة ومؤثرة بتاريخ البلاد. ويذكر التاريخ واقعة وفاة رئيس الوزراء هاماغوتشي أوساتشي (Hamaguchi Osachi) الذي فارق الحياة بعد معاناة استمرت لأشهر عقب محاولة اغتياله سنة 1930، بالإضافة لوزير التعليم ومؤسس التعليم الحديث باليابان أرينوري موري (Arinori Mori) الذي قتل خلال فبراير 1889، ورئيس الوزراء الأسبق إيتو هيروبومي (Itō Hirobumi) الذي اغتيل بهاربين (Harbin) بالصين سنة 1909 ونظيره هارا تاكاشي (Hara Takashi) الذي تلقى طعنات قاتلة عام 1921.

تدرج بالمناصب
إلى ذلك، تخرّج هاماغوتشي أوساتشي، المولود يوم 1 نيسان/أبريل 1870 بمدينة كوشي (Kōchi)، سنة 1895 من كلية الحقوق التابعة للجامعة الإمبراطورية بطوكيو وحصل على منصب مرموق بوزارة المالية اليابانية. وعقب جملة من الترقيات، تولى الأخير منصب نائب وزير الاتصالات عام 1912 قبل أن يعين فيما بعد نائبا لوزير المالية بحلول العام 1914. فيما التحق سنة 1915، بحزب ريكان دوشي كاي (Rikken-Dōshi Kai) وانتخب خلال نفس العام كنائب بالبرلمان الياباني.

وقد حافظ الأخير على مقعده بالبرلمان لحين وفاته سنة 1931. وبحلول العام 1924، عيّن هاماغوتشي وزيرا للمالية لتبدأ أثناء فترته جملة من الإصلاحات المثيرة للجدل التي اقترح خلالها تقليص الميزانية وتخفيض النفقات العمومية وتسريح عدد كبير من العاملين بالقطاع الحكومي. بالتزامن مع توليه حقيبة وزارة الداخلية سنة 1926، واصل هاماغوتشي الترويج لإصلاحاته الاقتصادية واتجه للقيام بحملة إعلامية للتأكيد على قدرتها في وضع حد للعجز التجاري باليابان.

محاولة اغتيال
وعلى إثر توليه قيادة حزب ريكان مينسايتو (Rikken Minseitō)، عيّن رئيسا للوزراء خلفا لتاناكا غيشي (Tanaka Giichi) الذي انهارت حكومته بسبب الأزمة الاقتصادية. ومنذ البداية، اتجه لاعتماد سياسة جديدة رفضت التوسع الاستعماري وفضلت التركيز على المشاكل والإصلاحات الاقتصادية باليابان. وقد أولى رئيس الوزراء الجديد اهتماما كبيرا بالركود الاقتصادي منذ الحرب العالمية الأولى وإصلاح مخلفات زلزال كانتو سنة 1923 والتصدي لتبعات الكساد الكبير الذي ظهر واستفحل بمناطق عدة من العالم عقب فترة وجيزة من توليه لمقاليد الحكم باليابان. وأملا في إصلاح اقتصاد بلاده، وضع هاماغوتشي سياسة تقشفية وقلص حجم النفقات العسكرية وشجع على التصدير بهدف الحفاظ على قيمة الين.

إلى ذلك، لقيت إصلاحات هاماغوتشي فشلا ذريعا. وقد استغلت المعارضة اليمينية هذا الفشل لتتحالف مع قادة البحرية وتتهم هاماغوتشي، الذي تراجعت شعبيته، بالمساس بالصورة العالمية لليابان وإهانة البحرية عن طريق تقليص نفوذها. بمحطة قطار طوكيو يوم 14 تشرين الثاني/نوفمبر 1930، تعرض هاماغوتشي لمحاولة اغتيال على مقربة من المكان الذي قتل به رئيس الوزراء السابق هارا تاكاشي قبل 9 سنوات. وعلى الرغم من نجاته من الموت، تعرض هاماغوتشي لإصابات خطيرة جعلته طريح الفراش لأشهر وأجبرته على الإبتعاد عن الساحة السياسية. فخلال مارس 1931، انتخب هاماغوتشي أوساتشي لفترة ثانية. ولعدم قدرته على مواصلة مهامه على أحسن وجه، فضّل الأخير الإستقالة من منصبه قبل أن يفارق الحياة يوم 26 آب/أغسطس 1931 بسبب العدوى البكتيرية وتبعات الإصابات التي تعرض لها اثناء محاولة اغتياله.