نشبت في البرلمان التركي خلافات حادة، مساء الأربعاء، سرعان ما تحولت إلى عراك عنيف بالأيدي، بين نواب عن حزب العدالة والتنمية الحاكم الذي يتزعمه الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، وآخرين رافضين للتحركات العسكرية التركية في سوريا. وأفادت وسائل إعلام تركية بأن الخلاف بدأ حين هاجم أحد نواب المعارضة، أردوغان، بخصوص أمن الجنود الأتراك في إدلب.

ورغم رفع رئاسة البرلمان أعمال الجلسة بعد حالة الفوضى، إلا أن التوتر استمر بين النواب. وأظهرت لقطات فيديو عشرات الأعضاء من الحزبين وهم يصرخون في وجوه بعضهم البعض قبل أن ينخرط عدد منهم في عراك بالأيدي. فقد تبادل نواب داخل البرلمان التركي اللكمات في عراك اندلع أثناء إلقاء أحد نواب المعارضة كلمة بعدما اتهم الرئيس رجب طيب أردوغان في وقت سابق بعدم احترام الجنود الأتراك الذين قتلوا في سوريا. وأظهر مقطع فيديو للواقعة انضمام عشرات النواب إلى الشجار حيث صعد بعضهم فوق الطاولات أو سددوا اللكمات بينما حاول آخرون إنهاء الشجار.

فقد تداول نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، مقاطع فيديو لعراك خلال جلسة داخل البرلمان التركي، قالوا إن سببه سياسات الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان. وأثار مقطع الفيديو العديد من التكهنات والتساؤلات حول وحدة الصف خلف السياسات التي ينتهجها الرئيس التركي في عدد من الملفات يتقدمها ملف العمليات التي يخوضها الجيش التركي في إدلب بسوريا. على الصعيد الآخر تداولت وسائل إعلام تركية محلية مقطع الفيديو مشيرة إلى أن السبب هو قيام أحد أعضاء البرلمان التركي بتوجيه اتهامات وإساءات للرئيس التركي الأمر الذي دفع بأعضاء آخرين للرد والاعتراض قبل أن يحتدم الجدل ويتطور لعراك.

فؤاد أوقطاي، نائب الرئيس التركي، من جهته تطرق للموضوع في تغريدة على صفحته الرسمية بموقع التواصل الاجتماعي، لفت فيها إلى أنه "سيتم استجواب مُشرع الذي أدلى بكلام لا يليق أبدا"، لافتا إلى أن كلام المشرع "وتحت مظلة برلماننا الأعلى، الذي يتجلى بإرادة أمتنا العزيزة، يستهدف الرئيس المنتخب لبلدنا بازدراء وعدم أخلاقية..".

واتهم النائب عن حزب الشعب الجمهوري المعارض، إنجين أوزكوك، أردوغان بعدم احترام الجنود وإرسالهم إلى إدلب دون غطاء جوي، مما أدى إلى مقتل أكثر من 30 منهم في غارة جوية الأسبوع الماضي. وقال خبراء عسكريون إن وجود الجنود الأتراك في إدلب دون غطاء من الطائرات الحربية جعلهم أهدافا سهلة للجيش السوري.

وقال أوزكوك إن: "أردوغان يرسل أبناء تركيا إلى جبهات القتال في حين تخلف هو عن الخدمة العسكرية". وفقدت تركيا 55 جنديا خلال المعارك الدائرة في محافظة إدلب شمال غربي سوريا، الأمر الذي انعكس سلبا على الداخل التركي، وفاقم الخلافات داخلها مع معارضة كثيرين ما يصفونه بالمغامرة هناك. وكان أردوغان اتهم في وقت سابق المعارضة بـ"الخيانة"، بعد أن طلبت إجراء استجواب في البرلمان بشأن التدخل العسكري في إدلب.

فقد اتهم النائب إنجين أوزكوك من "حزب الشعب الجمهوري" المعارض أردوغان، خلال مؤتمر صحفي سبق الجلسة البرلمانية ثم في تغريدات على "تويتر"، بعدم احترام الجنود الذين لقوا حتفهم الأسبوع الماضي في إدلب بسوريا. كما اتهم أوزكوك الرئيس بعدم التحلي بالمسؤولية لإرساله القوات إلى صراع دون غطاء جوي. ووصف أوزكوك أردوغان بأنه "مخادع ووضيع وخائن". كما اتهم الرئيس بإرسال أبناء المواطنين الأتراك للقتال، بينما تحوم مزاعم تفيد بأن أبناء أردوغان نفسه تجنبوا الخدمة العسكرية.

وندد رئيس البرلمان مصطفى شنطوب بتصريح النائب المعارض. وذكرت وكالة تركية للأنباء أن الادعاء العام في أنقرة فتح تحقيقاً في اشتباه بـ"إهانة الرئيس". وكان أردوغان قد اتهم المعارضة في وقت سابق بالخيانة بعدم المسؤولية، وذلك لتشكيكها في صواب تدخل الجيش التركي في محافظة إدلب شمال غربي سوريا.

وتصاعدت التوترات بعد مقتل ما يزيد على 50 جنديا تركيا في إدلب الشهر الماضي بينهم 33 جنديا لقوا حتفهم في هجوم الخميس الماضي. وأرسلت تركيا الآلاف من قواتها إلى المنطقة لدعم مقاتلي الفصائل المتحصنين هناك، لكنها لم تتمكن من وقف هجوم النظام السوري المدعوم من روسيا لاستعادة محافظة إدلب.