مسلسلات رمضان
هذا هو الرجل الذي أشعل الحرب الأهلية بالولايات المتحدة..
27/01/2019

ما بين عامي 1861 و1865، عاشت الولايات المتحدة الأميركية على وقع الحرب الأهلية التي أسفرت عن سقوط أكثر من 600 ألف قتيل أي ما يزيد عن 2 بالمئة من سكان البلاد حينها، لتصنف بذلك كأكثر نزاع دام في تاريخ الأميركيين. وقبل اندلاع الحرب عاشت الولايات المتحدة الأميركية على وقع تجاذبات سياسية زادت من حدّة التوتر بين الشماليين والجنوبيين حيث كانت مسألة العبودية طاغية على الشأن الداخلي الأميركي. وبينما اتجهت الولايات الشمالية للمطالبة بإنهاء هذه الممارسة وإجهاضها بكامل أرجاء البلاد، رفض الجنوبيون ذلك مفضّلين الاحتفاظ بعبيدهم الذين وفّروا لهم يدا عاملة مجانية.

هذا هو الرجل الذي أشعل الحرب الأهلية بالولايات المتحدة..  صورة رقم 1

لوحة زيتية تكريمية لدريد سكوت

خلال العام 1857، كانت الولايات المتحدة الأميركية مع حادثة عرفت بقرار دريد سكوت (Dred Scott) أثبتت حجم الخلاف الذي عانى منه المجتمع الأميركي الذي كان منقسما حول مسألة إجهاض العبودية، حيث جاءت أزمة دريد سكوت لتزيد من حدّة التوتر بين مناصري ومعارضي العبودية قبل فترة وجيزة من اندلاع الحرب الأهلية الأميركية.

هذا هو الرجل الذي أشعل الحرب الأهلية بالولايات المتحدة..  صورة رقم 2

صورة لعدد من جنود الإتحاد الشماليين خلال الحرب الأهلية الأمريكية

كان دريد سكوت، رفقة زوجته وابنتيه لجون إيميرسون (John Emerson) المقيم بولاية ميسوري (Missouri) والذي عمل كجراح لصالح الجيش الأميركي. وعقب وفاة السيد إيميرسون اتجه دريد سكوت سنة 1846 لمحكمة سانت لويس (St. Louis) في سعي منه للحصول على حريته، مؤكدا أنه أقام لقرابة 4 سنوات رفقة زوجته بأراضي إلينوي (Illinois) وويسكونسن (Wisconsin) والتي كانت العبودية ممنوعة بها بعد أن اصطحبه سيده إليها، حيث استشهد دريد سكوت بتسوية ميسوري (Missouri Compromise) التي تعود لعشرينيات القرن التاسع عشر والتي جعلت من المناطق الواقعة شمال خط عرض 36°30 بلويزيانا الفرنسية سابقا (French Louisiana) مناطق حرة وخالية من العبودية. وفي الأثناء كللت هذه المحاولة الأولى بالفشل حيث رفضت المحكمة كل ما قدمه دريد سكوت ليظل الأخير رفقة عائلته ملكا لأرملة السيد جون إيميرسون.

هذا هو الرجل الذي أشعل الحرب الأهلية بالولايات المتحدة..  صورة رقم 3

صورة التقطت في حدود سنة 1857 لدريد سكوت

لاحقا، تخلت أرملة جون إيميرسون عن دريد سكوت وعائلته لصالح شقيقها جون سانفورد (John Sanford) المقيم بنيويورك والذي أخطأت المحكمة في تدوين اسمه لتلقبه بجون ساندفورد (John Sandford).

ومرة أخرى سعى دريد سكوت لكسب حريته فما كان منه إلا أن اتجه للمحكمة الفيدرالية معلنا نفسه مواطنا مقيما بولاية ميسوري قبل أن يتوجه لاحقا ليرفع قضيته نحو المحكمة العليا للولايات المتحدة الأميركية والتي وعدت بالنظر في الأمر. يوم السادس من شهر آذار/مارس سنة 1857، جاء قرار المحكمة العليا للولايات المتحدة الأميركية مخيبا لآمال مناهضي العبودية.

هذا هو الرجل الذي أشعل الحرب الأهلية بالولايات المتحدة..  صورة رقم 4

صورة للقاضي روجر بروك تاني

فخلال هذه القضية التي عرفت بقضية دريد سكوت، رفضت المحكمة العليا الأميركية منح الحرية لدريد سكوت وعائلته، مؤكدة أن العيش بمنطقة حرة غير كاف للحصول على الحرية. فضلا عن ذلك، أعلن القضاة بالمحكمة العليا برئاسة روجر بروك تاني (Roger Brooke Taney) أن الكونغرس غير قادر على إجهاض العبودية بأية منطقة لتكون بذلك تسوية ميسوري السابقة غير دستورية كما أكدت المحكمة استحالة حصول الأميركيين ذوي الأصول الإفريقية، وهو ما يجعلهم غير مؤهلين لرفع قضايا أمام المحاكم.

هذا هو الرجل الذي أشعل الحرب الأهلية بالولايات المتحدة..  صورة رقم 5

خريطة لويزيانا الفرنسية سابق والتي حصلت عليها الولايات المتحدة الأمريكية عقب صفقة لويزيانا سنة 1803

هذا هو الرجل الذي أشعل الحرب الأهلية بالولايات المتحدة..  صورة رقم 6

صورة للرئيس الأمريكي أبراهام لينكولن

ساهم قرار سكوت دريد الصادر عن المحكمة العليا في رفع حدة التوتر بين الشماليين والجنوبيين وألقى بظلاله على مستقبل الولايات المتحدة الأميركية، حيث التف مناهضو العبودية حول الحزب الجمهوري الذي حقق مرشحه أبراهام لينكولن (Abraham Lincoln) النصر بالانتخابات الرئاسية لسنة 1860. ومع صعود لينكولن، اندلعت الحرب الأهلية الأميركية عقب انفصال الولايات الجنوبية لتستمر لأكثر من 4 سنوات وتسفر عن سقوط 600 ألف قتيل ونهاية العبودية.