من النادر سماع أن شخصا ما يقاضي نفسه ويصبح هو المدعي والمدعي عليه، فما بالك برفع قضية على نفسه والفوز بها في النهاية. فعندما تحل كارثة، وبعد أن نصاب بالحزن ويمر الوقت، يبحث الناجون من الضحايا في البحث عن أجوبة وتفسير لما حدث ولماذا حدث ومن كان على خطأ. وعندما تتضح المشكلة إلى حد ما يبدأ طريق الدعاوى القضائية، هذا ما حدث في قضية "برادلي فوم باور".

في عام 2015، رفعت "باربرا باجلي" البالغة من العمر 55 عاما دعوى قضائية ضد نفسها بعدما تسببت في وقوع حادث مأساوي في 27 ديسمبر 2011. في اليوم المشؤوم، كانت باربرا تقود سيارتها "رينج روفر" في صحراء نيفادا عندما فقدت سيطرتها على عجلة القيادة وتسببت في انقلاب السيارة على الطريق السريع 80، وأسفر الحادث عن إصابة زوجها بجروح خطيرة ما أدى إلى وفاته بعد 10 أيام داخل المستشفى، في حين عانت باربرا من ارتجاج وكسور في الضلوع والرسغ.

بينما كلبها" دولي"، الذي كان أحد الركاب وقت الحادث، ركض من مكان الحادث وتاه في الصحراء، وبمجرد أن استجمعت باربرا قوتها، حولت انتباهها للبحث عن كلبها في السهول والتلال في شمال شرق نيفادا، وتمكنت بمساعدة عشرات المتطوعين على فيس بوك العثور عليه بعد قضاء 53 يوما في الصحراء، وهو ما منحها بعض الأمل ورفع معنوياتها.

كانت باربرا، مثل معظم السائقين في الولايات المتحدة الأمريكية، لديها تأمين على السيارة. وفي الحالات التي يتسبب فيها السائق حدوث أضرار، كما في هذه الحالة سواء كان أذى جسدي أو موت شخص آخر، فإن المسئولية تقع على عاتق شركات التأمين وتتحمل دفع تكاليف الأضرار.

وبعد الحادث، طلبت باربرا من شركة التأمين تعويضها عن الفواتير الطبية وتكاليف الجنازة لزوجها الراحل، لكن الشركة رفضت ذلك، ودفعوا بأن باربرا لم تكن مؤهلة للحصول على أي تعويض لأنها المسئولة عن الحادث أو باختصار توفي زوجها برادلي بسبب تصرفها وراء عجلة القيادة وإهمالها. ومع ذلك، كانوا على استعداد لدفع ثمن السيارة. باجلي، قررت رفع قضية ضد نفسها للحصول على تعويضات لتغطية النفقات الطبية ومصاريف الجنازة والألم النفسي.

في البداية، رفضت محكمة المقاطعة القضية، لكن الغريب أن محكمة استئناف يوتا أعادتها ومنحت باربرا الإذن لتقديم القضية. ورأت أن قانون الولاية لا يمنع باربرا من مقاضاة نفسها بالتعويض عن الأضرار. واتفقت على خلع الملابسف التالي بأن باربرا السائقة طرف منفصل عن باربرا الممثل العقاري، ما يعني أن باربرا الأرملة ووريثة الراحل فوم باور سوف تضطر إلى تقديم أدلة ضد "باربرا السائقة" تثبت فيها أنها سائقة مهملة.

وأظهرت وثائق المحكمة أن باربرا زعمت أنها كانت مهملة بسبب عدم قدرتها على الحفاظ على سيطرتها على السيارة، وتم تمثيل باربرا السائقة من قبل محامي شركة التأمين لأنهم سيضطرون إلى دفع الحكم إذا خسرت القضية. ووفقا للمحامين، فإن الأرملة باربرا اضطرت لمقاضاة نفسها للحصول على أموال التأمين الخاصة بها بعدما رفضت الشركة إعطائها الأموال، حيث كانت على استعداد بدفع ثمن السيارة، لكنها رأت انها لن تتحمل مسئولية وفاة الزوج.

وبسبب ذلك، كان على باربرا أن تواجه مشكلة دفع مصاريف الجنازة والنفقات الطبية بالإضافة إلى الدائنين، ولم يكن أمامها سوى الحصول على التعويض، ورغم أن القضية تسببت في ارتباك هيئة المحلفين، فازت باربرا بالدعوى ضد نفسها وخسرت في نفس الوقت عندما أيدت المحكمة إهمالها من الناحية القانونية، لكنها عادت إلى منزلها بمبلغ جيد يمكنها من حل جميع مشاكلها المادية.