مسلسلات رمضان
هزائم وخسائر قاسية وشروط مهينة أقصت روسيا من الحرب العالمية الأولى
27/07/2018

يوم الثالث من شهر آذار/مارس سنة 1918 وبعد مضي ما يقارب 3 سنوات وثمانية أشهر من دخولها الحرب العالمية الأولى، وقعت روسيا رسميا في مدينة برست – ليتوفسك (Brest-Litovsk) الموجودة حاليا بروسيا البيضاء على اتفاقية خروجها من الصراع العالمي مقابل تنازلات مذلة لصالح القوى الوسطى، لتصنف هذه الاتفاقية لاحقا كواحدة من أسوأ اتفاقيات السلام التي عرفها التاريخ. ويصف أغلب المؤرخين مشاركة الإمبراطورية الروسية في الحرب العالمية الأولى بالكارثية. فعلى الرغم من انتصاراتها العسكرية على النمساويين والعثمانيين، إلا أن الجيش الإمبراطوري الروسي قد تلقى هزائم قاسية على يد الألمان، خسر على إثرها العديد من الأراضي.

هزائم وخسائر قاسية وشروط مهينة أقصت روسيا من الحرب العالمية الأولى صورة رقم 1

صورة لوثيقة معاهدة برست - ليتوفسك

هزائم وخسائر قاسية وشروط مهينة أقصت روسيا من الحرب العالمية الأولى صورة رقم 2

خريطة الإمبراطورية الروسية مطلع الحرب العالمية الأولى سنة 1914

وعانت روسيا من ارتفاع غير مسبوق في عدد ضحاياها بسبب مشاركتها في الحرب، حيث تجاوز عدد الجنود الروس القتلى على الجبهات مليوني جندي. كما عاشت المدن والأرياف الروسية مجاعة غير مسبوقة، فبسبب تواجد أغلب الرجال على جبهات القتال، وغيابهم عن العمل بالحقول، والشتاء البارد، وكميات الغذاء الهائلة التي كانت ترسل بدرجة أولى للجيش تفشت المجاعة بأغلب المناطق الروسية وتسببت بوفاة العديد من الأهالي.

هزائم وخسائر قاسية وشروط مهينة أقصت روسيا من الحرب العالمية الأولى صورة رقم 3

صورة لوزير الخارجية الألماني ريتشارد فون كوهلمان

هزائم وخسائر قاسية وشروط مهينة أقصت روسيا من الحرب العالمية الأولى صورة رقم 4

صورة للوزير النمساوي أوتوكار فون سيرنين

هزائم وخسائر قاسية وشروط مهينة أقصت روسيا من الحرب العالمية الأولى صورة رقم 5

صورة لنيقولا الثاني آخر قياصرة روسيا

هزائم وخسائر قاسية وشروط مهينة أقصت روسيا من الحرب العالمية الأولى صورة رقم 6

صورة للوزير الروسي كيرينسكي

هزائم وخسائر قاسية وشروط مهينة أقصت روسيا من الحرب العالمية الأولى صورة رقم 7

صورة للوزير السوفيتي ليون تروتسكي

كما أن كل هذه العوامل أدت إلى تزايد سخط الشعب الروسي على النظام القيصري، حيث عارض أغلب الروس مواصلة الحرب لتشهد المدن الروسية إثر ذلك تحركات شعبية ضمن ما عرف بثورة شباط/فبراير سنة 1917، والتي أفضت إلى تنازل القيصر الروسي نيقولا الثاني (Nicholas II) عن العرش. ومع حلول منتصف شهر أبريل/نيسان من نفس السنة، عاد فلاديمير لينين (vladimir lenin) إلى روسيا ليعمل الأخير بالتعاون مع رفاقه البلشفيين على إزاحة الحكومة المؤقتة التي تزعمها وزير الحرب ألكسندر كيرينسكي (Alexander Kerensky) والاستيلاء على السلطة.

هزائم وخسائر قاسية وشروط مهينة أقصت روسيا من الحرب العالمية الأولى صورة رقم 8

صورة للقيصر الروسي نيقولا الثاني وهو بصدد تفقد جنوده على الجبهة خلال الحرب العالمية الأولى

وعلى إثر ثورة تشرين الأول/أكتوبر سنة 1917، حقق لينين ما كان يطمح إليه ليصبح بذلك سيد روسيا. واتجه لينين عقب حصوله على السلطة نحو وضع حد لمشاركة بلاده في الحرب العالمية الأولى، لتبدأ حينها جملة من المفاوضات مع القوى الوسطى التي تزعمتها ألمانيا من أجل ترتيب مغادرة روسيا للنزاع العالمي، حيث آمن فلاديمير لينين خلال تلك الفترة بضرورة فرض السلام للتركيز على تصدير الثورة البلشفية نحو بقية أصقاع العالم. وفي مطلع شهر كانون الأول/ديسمبر سنة 1917، وافقت روسيا رسميا على الاستسلام، ليتم التوصل عقب ذلك إلى اتفاقية وقف إطلاق نار مبدئية، انطلقت المرحلة الأصعب والتي تمثلت في جولات المفاوضات الهادفة لتحديد شروط الاستسلام.

فيما بدأت المفاوضات يوم الثاني والعشرين من شهر كانون الأول/ديسمبر سنة1917بشكل رسمي بمدينة برست – ليتوفسك، وخلالها كانت روسيا ممثلة بوزير خارجيتها ليون تروتسكي (leon trotsky) إضافة إلى الدبلوماسي أدولف جووف (Adolph Joffe) بينما مثل وزير الشؤون الخارجية ريتشارد فون كوهلمان (Richard von Kühlmann) الجانب الألماني، والوزير أوتوكار فون سيرنين (Ottokar Czernin) الجانب النمساوي. وفي منتصف شهر شباط/فبراير سنة 1918، تعطلت المفاوضات بين الجانب الروسي والدول الوسطى، حيث رفض الوزير الروسي ليون تروتسكي المقترحات الألمانية الهادفة إلى تجريد روسيا من نسبة هامة من أراضيها لتتجدد على إثر ذلك المواجهات على الجبهة الشرقية عقب تعليق العمل بوقف إطلاق النار. وحققت ألمانيا تقدما سريعا على الميدان، أجبر الروس بعده على الجلوس مرة ثانية على طاولة المفاوضات وقبول كل المطالب السابقة.

هزائم وخسائر قاسية وشروط مهينة أقصت روسيا من الحرب العالمية الأولى صورة رقم 9

صورة للقائد السوفيتي فلاديمير لينين

وتم رسميا التوقيع على معاهدة برست – ليتوفسك مع حلول يوم الثالث من شهر آذار/مارس سنة 1918، والتي تخلت روسيا بموجبها عن أراضي بولندا وليتوانيا ولاتفيا وأستونيا لصالح كل من ألمانيا والنمسا. إضافة لأراضي مناطق قارص، وأرداهان، وباطوم لصالح الأتراك. واعترفت روسيا عن طريق هذه الاتفاقية باستقلال كل من فنلندا وأوكرانيا وجورجيا.بالتالي وعلى إثر اتفاقية برست – ليتوفسك، فقدت روسيا ما يعادل مليون ميل مربع من مساحتها وحوالي 55 مليونا من سكانها، إضافة إلى نسبة هامة من صناعتها ومواردها الطبيعية مثل الفحم والنفط والحديد.

وعن هذه الاتفاقية قال لينين إنها ألقت بروسيا نحو الهاوية، مكرسة الذل والعار والإهانة في آن واحد. وبعد أشهر قليلة من توقيع اتفاقية برست – ليتوفسك، فرضت ألمانيا على روسيا شرطا جديدا أجبرتها من خلاله على دفع تعويضات مالية بلغت قيمتها 6 مليارات مارك ألماني. وسمحت هذه الاتفاقية للألمان بنقل حوالي مليون جندي من الجبهة الشرقية نحو الجبهة الغربية، الأمر الذي سبب انزعاجا لقوات الحلفاء التي استاءت من إمكانية تواصل الحرب لسنوات أخرى. وخلال الفترة التالية وإثر استسلامها وقبولها ببنود معاهدة فرساي، أجبرت ألمانيا على التخلي عن كل مكاسبها التي حققتها من خلال اتفاقية برست – ليتوفسك.