عندما يُرزق الأهل طفلا ً ينتمي إلى برج الميزان تتضاعف سعادتهم أمام جمال خلقته إذ يبدو متـناسب التقطيع، مكتـنز الجسم، مورد الخدين، وجهه ملآن بالبشر والحبور، وابتسامته توحي بأنه نموذج إعلاني في مجلة أطفال أنيقة، فإذا أضفنا إلى ذلك دماثة الطبع وغمازة أو اثنتين لا غنى لطفل برج الميزان عنهما أمكننا إعطاء صورة واضحة عن مرحلة ما بعد الولادة حيث يبدو كل من يراه مبهوراً متعجباً من وسامته وعذوبته الملائكية.
في المرحلة التالية يبقى طفل الميزان محتفظاً بعذوبته وحلاوته ولكنه يتكشف أيضاً عن طباع قد لا تنال من الإعجاب ما نالت صورته الخارجية ساعة الولادة، يتكشف مثلا ً عن التردد والعناد أمام الطعام وخصوصاً إذا وضع أمامه صنفان أو أكثر، ماذا يحدث بالضبط ؟ ينظر إلى أحد الصنفين ملياً ثم ينتقل إلى الصنف الثاني ومنه إلى الأول وهكذا دون أن يمس أحدهما، تتدخل والدته عندئذ مُلحة مستعجلة، فيزيد عناداً وغضباً هذه المرة، من الصعب أن تدرك والدته سر تصرفه هذا ما لم تذكر أنه ينتمي إلى برج الميزان وأن ما تعتقده عناداً ليس سوى الحيرة والتردد في الاختيار، يُقال عن الطفل، الثور أنه عنيد، وهذا صحيح أما طفل برج الميزان فليس سوى طفل يكره العجلة كما يكره الأوامر المشددة ويُفضل أن يصل بنفسه إلى كل قرار، مهما كان بسيطاً، بعد طول البحث والتفكير، وبكلام أبسط ينبغي لوالدته أن تـُريحه من مشقة الاختيار فلا تقدم له أكثر من صنف واحد من الطعام في كل مرة، هذا من جهة، ومن جهة أخرى لا بد من أن يُظهر الحيرة والتردد نفسيهما أمام كل أمر آخر سواء أكان يتعلق بلباسه أو لعبه أو دراسته، هنا أيضاً ينبغي منحه الوقت الكافي، وإذا وجب التدخل في الوقت الملائم فليكن بلطف وهدوء وبأسلوب أقرب إلى الاقتراح منه إلى الأمر الجازم.
كثيراً ما تساءل الأهل عن سبب هذا التردد، السبب هو دون ريب البحث عن الصواب، فالطفل في برج الميزان طيّب مستقيم يخشى ارتكاب الخطأ كما يخشى إلحاق الأذى بمن يحب، لذلك يمتـنع من الإتيان بأي عمل قبل إشباعه درساً وتمحيصاً الأمر الذي يقوده بطبيعة الحال إلى طرح الأسئلة وإثارة الجدل واستعمال لغة المنطق في كل ما يقوله أو يفعله، إن إحساس الخطأ والصواب هذا يجعله كتوماً للأسرار، كارهاً للنميمة، متمسكاً بالحق إلى درجة الوقوف ضد أهله إذا بدا الحق إلى جانب سواهم.
تخلق مع طفل الميزان عادات حميدة لا تـُتوقع ممن في مثل عمره، فهو يُظهر الاهتمام بالطعام لا بالنسبة إلى مذاقه فحسب بل أيضاً بالنسبة إلى تـنوعه ومظهره، كما أنه يأكل الحلوى بكثرة، ويُعطي جو الطعام أهمية لا يُقدرها عادة إلا من كان أكبر سناً وأرجح عقلا ً، فيحيط نفسه بالأزهار والشموع والألوان الجذابة الخ، ، من الطبيعي أن تظهر روحه الفنانة هذه في هندامه ونظافته وتـنسيق غرفته وحاجاته وغير ذلك، وتعبـّر الفتاة المولودة في برج الميزان عن الظاهرة نفسها في طريقة عنايتها بنفسها واستعمالها العطور والصابون وأدوات الزينة وغيرها.
يميل مولود برج الميزان من الجنسين إلى الموسيقى والمطالعة والكتابة إذا لقي التشجيع اللازم من أهله ومعلميه، كما يميل إلى المناقشة والاستـفسار عن كل ما يتعلق بالحياة ولا يُستبعد أن يكون عنده الجواب لكل قضية الأمر الذي يهيئه منذ الطفولة لدور رجل القانون في المستقبل، وهو يسعى بالإضافة، إلى المحافظة على استقلاله وعلى الجوانب الخاصة في حياته ويُبدي في الوقت نفسه اهتماماً كبيراً بأفراد الجنس الآخر، ولهذا السبب تتخلل حياته في سن المراهقة قصص حب عديدة تمر سريعاً دون تترك في نفسه أثراً كبيراً.
قد يشعر أهل هذا الطفل بالضيق بين الحين والآخر بسبب تردده وتفكيره وأسئلته المستمرة، لكن فيما عدا ذلك تبقى الحياة بقربه عميقة ذات مغزى شرط أن تؤمن عوامل سعادته التي هي من الدرجة الأولى: الراحة والجمال والسكينة.