بالرغم عن ذكائه ويقظته، يبدو طفل برج العذراء أكثر جديةً وأهدأ مظهراً من الذين هم في مثل عمره، لولا عناده بالذات في الطعام لأعتبر من أكثر الأطفال هناءً ومن أقربهم لقلوب الأمهات، وسبب هذا العناد ناجم عن ذوقه الدقيق في الأكل، فهو منذ بداياته يميل لأصناف على أخرى في الطعام، ويرفض بإصرار اطعامه غيرها، الا أن اتصافه بالعناد لا يمنع من كونه طفلا خجولا ً ومهذباً وخلوقا إلى أقصى درجة، هو طفل مطيع لوالديه وأساتذته، فلا يضطرهم لتوبيخه أو حتى لتكرار القاء الأوامر عليه.
يتميز بسرعة النطق، يتعلم الحديث في سن مبكرة، ثم يصبح سلس الحديث، ينطق عبارات جادة ومفيدة الا اذا كان في حالة خجل أو ارتباك خاصة أمام الغرباء .. يتقن فن التقليد، كثيراً ما يقلد أفراد أسرته وينتقدهم بطريقة ذكية ومضحكة، ومع ذلك لديه ميل لممارسة الأدوار الجدية، وتحمل المسؤوليات، والقيام بالواجبات أكثر من غيره، يعد في المدرسة الطالب المفضل لدى أساتذته بسبب اجتهاده، وطاعته، وتهذيبه، الا أن ما يُزعجهم منه الارتباك الشديد الذي يصيبه عندما يضطر لالقاء قصيدة أو خطاب لزملائه، ما عدا ذلك هو طفل خلوق، يقدم الخدمات دون أي مقابل، ولا يتردد بمساعدة معلميه في تصحيح الواجبات البيتية أو جمع العلامات، ويستطيع أن ينجح في هذا الأمر لما يتصف به من صفات الاستقامة والموضوعية والدقة، مما يمنحه القدرة على تصحيح الأخطاء التي قد يرتكبها الأستاذ نفسه أحيانا، والطريف أنه لا يتردد في ذلك، ويعرف بكراهيته الكبيرة لأي نقد قد يصدر عليه من قبل الآخرين.
يحتاج هذا الطفل للحصول على الأدلة الحسيّة التي تثبت حب أهله له وتعلقهم الشديد به، وإن كان يرفض المصارحة بتلك الحاجة، إنه على أية حال من بين الأطفال القلائل الذين لا يوجد عليهم خوف من الميوعة أو الفساد حتى لو قام الأهل بالمبالغة في تدليلهم، الصعوبة الوحيدة لديه هي تمسكه بعاداته ورفضه التغيير، وما عدا ذلك يعد وجوده نعمة لوالديه وخصوصاً لوالدته التي يساعدها في كثير من الأحيان في الأمور المنزلية، وفي مسك الحسابات .. يحب الحيوانات الضعيفة والحشرات الصغيرة ويتعلق بها كثيرا مما يدفعه لقضاء ساعات في مراقبة سرب من النمل مثلا بينما تواجد كلب ضخم في المنطقة لا يهمه بشيء.
لا يقبل هذا الطفل المعلومات الناقصة، ويلجأ للمصادر التـثـقيفية العديدة بالإضافة للكتب المدرسية بهدف الحصول على المعلومات التي يريدها، يحب الجدل والنقاش كثيرا، واذا اكتشف خلالهما أن أحد زملائه يملك معرفة أكثر منه بقليل فقط انطوى على ذاته، وشعر بالحزن والخجل، في سن المراهقة لا يقبل اقامة العلاقات الجادة التي يقصد منها الزواج، كما يكره أن يعرف الاخرين أي شيء عن حياته العاطفية، ولهذا السبب يصبح كتوما ولا يصارح الآخرين.
إن عقله المتفتح والناضج، وأسلوب تفكيره العملي والواقعي يحرمانه من أشياء كثيرة يمتلأ بها عالم الأطفال، فمثلا هو طفل قليل التخيلات، نادر الأحلام، ولا يهتم لقصص الأشباح والشياطين وغيرها، ومع أن قوته تكمن في هذه الواقعية إلا أن الخوف عليه هنا من الوحدة مستقبلا، يجب على عائلته أن تشجعه للدخول في عالم الخيال والأوهام بين الفترة والأخرى لتصبح طفولته أكثر امتلاءً ومرحاً.